• 28 مارس 2024

بقلم عبد الحميد وسيف أرطغرل..تركيا تعيد كتابة تاريخها للعالم

غزت “الدراما التاريخية التركية” مؤخراً شاشات العالم، في زحف ناعم لنشر التاريخ العُثماني، والتعريف بأسلوب حياتهم للمجتمعات العربية والإسلامية.

اتسع هذا الانتشار بعد إطلاق تركيا قناة “تي آر تي” الحكومية باللغة العربية، لتنقل المسلسلات التاريخية عبر إعلامها للعالم.

فمن المسلسل التاريخي الدرامي الشهير أرطغرل، إلى السلطان عبد الحميد، ومؤخرا مسلسل كوت العمارة، والتي تحكي كلها عن التاريخ العثماني، انطلقت تركيا لتجسّد حالة من التغيير “الناعم” تستهدف جذور المجتمع لتغيّره بشكل غير مباشر وتوجهه.

توجيه الساسة

لم تقتصر الدراما على المؤسسات الإعلامية الضخمة، بل توسّعت نفوذها ليوجهها الساسة من الحزب الحاكم، أو حتّى من معارضيه، وأضحت المسلسلات تعكس محاولة لاستدعاء التاريخ، لكن عبر معركة بين السياسيين.

وجدير بالذكر أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دعم مسلسل “أرطغرل”، الذي يحكي تاريخ تأسيس الدولة العثمانية، وزار موقع تصويره.

وحاز “أرطغرل” على إشادة من أردوغان، إذ قال بمقابلة تلفزيونية: إنه “يحظى في الفترة الأخيرة باهتمام وإعجاب الجميع، صغاراً وكباراً، وإن أفراد أسرته أيضاً يتابعونه من كثب، واصفاً إياه بأنه بمثابة ردّ على أولئك الذين يستخفّون بقدرات تركيا وشعبها”.

 زرع قيم

الكاتب والصحفي التركي محمد سليمان يوضح أهمية المسلسلات التاريخية، ويقول: “من الناحية الأولى هي مهمة في تسويق وإعادة طرح القيم الإسلامية والعادات والتقاليد الحميدة الموجودة بالمجتمعات الإسلامية منذ القدم، في ظل وجود حملة تشويه كبيرة من الغرب للقيم الإسلامية”.

ويطرح الكاتب لـ “الخليج أونلاين” أمثلة على ذلك، فبرأيه “تبين هذه المسلسلات قيمة الجهاد على أنه عمل إنساني لرفع الظلم عن المظلومين، وليس تلذّذاً بالقتل، أو حباً للحرب كما تفعل بعض التنظيمات التي تنتسب إلى الإسلام في اليوم الحاضر”.

ويضيف سليمان: “لا يقتصر هذا الأمر على جانب الحرب فقط، بل تعمل المسلسلات التاريخية؛ مثل فيلنتا وأرطغرل، على رسم منظومة قيم كاملة في التعامل مع المرأة والطفل والإنسان”.

من الناحية الأخرى، يقول الصحفي التركي: إن “المسلسلات تغيّر النظرة النمطية الموجودة عن الفن التركي، حيث سادت في الفترات السابقة صورة سيئة عن الفن التركي بسبب وجود كمية كبيرة من المسلسلات الهابطة أخلاقياً”.

واستطاعت الدراما التركية جذب المشاهد العربي لأمرين مهمين؛ أولهما القيم المستمدة من الإسلام، والتي وجد المجتمع العربي نفسه فيها، ونموذج البطل الذي يُقوّم أمته ويخرجها من حالة الضعف للقوة، في الوقت التي تعاني فيه البلدان العربية من الضعف بشكل عام”.

الثاني والمهم برأي سليمان أن “المسلسل لم يقترب من النظام الإسلامي كشريعة وحدود، بل نجح في تسويقه على أنه نظام حياة متكامل، ومجموعة مترابطة من القيم الصحيحة الموافقة للفطرة، وهو الأمر الذي ساعد على جذب المشاهد نحو الشاشة”.

وعلى الصعيد السياسي، يقول الكاتب التركي لـ “الخليج أونلاين”: “نجحت المسلسلات في إقناع الجمهور أن الأعداء التاريخيين للأمة الإسلامية هم أعداؤها الحاليون، وأن الأتراك أقوياء في حال تمسكوا بدينهم وتاريخهم، وهذا الأمر ساعد على توفير حاضنة شعبية له في المجتمع، خصوصاً أن المسلسلات التاريخية، وعلى رأسها السلطان عبد الحميد، وأرطغرل، يسوقان بشكل كبير للسياسة الداخلية والخارجية للحزب الحاكم، والرئيس التركي الحالي، رجب طيب أردوغان”.

انتشار كبير

يشير ماكيل كابلان في تقرير لمجلة إنترناشيونال بيزنس تايمز، إلى أنه في الأشهر الأخيرة تم عرض ما يزيد عن 12 عملاً تركياً في بلدان أمريكا الوسطى والجنوبية.

وقال أسلي تونك، أستاذ الدراسات الإعلامية في جامعة بيلجي في إسطنبول: إن “الدراما التركية أصبحت ظاهرة جديدة. بدأت العروض في الجمهوريات التركية، ثم في منطقة البلقان، ثم منطقة الشرق الأوسط، والآن أمريكا اللاتينية. إنها تنتشر في جميع أنحاء العالم”، وفق “العرب” اللندنية.

وقبل عقد من الزمان، كانت الصادرات التركية من المسلسلات التلفزيونية تكسب نحو مليون دولار سنوياً، واليوم، تجلب تلك الصادرات نحو 350 مليون دولار على الأقل، ما يجعلها واحدة من أكبر الدول المصدّرة في العالم للمسلسلات التلفزيونية، وتفيد الأنباء بأن عائدات التصدير زادت بنسبة 25% عن العام الماضي وحده، وفق صحيفة صباح التركية.

التقرير منقول بتصرف عن موقع الخليج أون لاين

لقراءة التقرير الأصلي يرجى الضغط هنا

 

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *