• 19 أبريل 2024
إذا كنت تعيش في تركيا فلا بد أنك قد رأيت صورة أرصوي، شاعر الأمل في تركيا، أوسمعت عنه، فصوره تزين اليوم الشوارع والأماكن الحكومية
ونقدم إليكم مالا تعرفونه عن أرصوي إذ سنسلط الضوء في هذا المقال على حياته وكتابته لنشيد الاستقلال التركي

ولادته

 ولد محمد عاكف أرصوي في 20 كانون الأول عام 1873 في إسطنبول منطقة الفاتح حي ساري غوزال، والدته أمينة شريف خانم ابنة إحدى العائلات التي جاءت من بخارى إلى الأناضول ووالده محمد طاهر أفندي مواليد كوسوفو وهو أحد أساتذة مدرسة جامع الفاتح بإسطنبول
 سماه والده باسم ” راغف ” الناتج عن حساب تاريخ مولده بأحرف أبجد هوز ولكن كان أصدقاؤه وأمه ينادونه باسم “عاكف” لصعوبة لفظ اسمه الأصلي، وقد عرف بهذا الاسم مع مرور الزمن

نشأته وتعليمه

تلقى تعليمه في مدرسة حي أمير البخاري بمنطقة الفاتح في إسطنبول وبدأ بتعلم اللغة العربية من أبيه، لينتقل بعدها إلى مدرسة الإعدادية المركزية بمنطقة الفاتح ( 1882 ) . كما تابع دروس اللغة الفارسية بنفس الوقت في جامع الفاتح . ويشهد له أنه كان الأول دائما في اللغة التركية
والعربية والفارسية والفرنسية طوال فترة المرحلة الإعدادية
وفي عام 1885 سجل أرصوي في مدرسة إدارة الملكية إحدى المدارس المشهورة في ذلك العهد. وتوفي والده في عام 1888 أثناء متابعته دراسته في القسم العالي من المدرسة، وفي العام التالي احترق منزلهم في منطقة الفاتح مما تسبب في تعرض العائلة لأزمة مالية، وتقديراً
لجهود والده قام أحد تلامذته ببناء منزل صغير للعائلة على نفس الأرض ونقل العائلة إليه

عمله

ترك محمد عاكف مدرسة إدارة الملكية لأنه كان عليه أن يكمل تعليمه في مدرسة داخلية ليصبح صاحب حرفة. وسجل في مدرسة الزراعة والبيطرة التي كانت أول مدرسة بيطرية مدنية افتتحت حديثاً. واهتم  بالرياضة خلال مرحلة دراسته واشترك في مسابقات المصارعة والسباحة
بالإضافة إلى المشي الطويل والجري ورمي الكرة و ازداد اهتمامه بالشعر في السنتين الأخيرتين من دراسته . أنهى أرصوي دراسته في قسم البيطرة عام 1893 وحصل على المرتبة الأولى
وعمل بعد تخرجه كمدرس للغة التركية في هذه المدرسة. وبدأ بنشر مقالات وأشعار في مجلة ثروة الفنون المصورة
ومن الجدير بالذكر أن هذا المكان الذي أمضى فيه محمد عاكف مرحلته الدراسية وعمل فيه كمدرس هو الآن مقر جامعة صباح الدين زعيم، وتستعمل صالة المطعم التي كان يتناول فيها محمد عاكف وأصدقاؤه الطعام اليوم كصالة معرض محمد عاكف أرصوي ويزين أعلى الباب
الداخلي ومحيطه أشعار محمد عاكف وصورة كبيرة له
و يتواجد في المدينة الجامعية متحف محمد عاكف أرصوي الزراعي للتذكير بالشاعر الكبير
عمل محمد عاكف كرئيس الكتاب في مجلة الصراط المستقيم التي أنشاها صديقيه أشرف أديب وأبو العلي ماردين ونشر عددها الأول في 27 آب عام 1908 . وقام بعدة مهام خلال فترة حرب البلقان ومعركة تشاناكالي وحرب الاستقلال، و في 6 شباط عام 1920 ذهب أرصوي إلى
مدينة باليك أسير وألقى خطبة حماسية في جامع زاغنوس باشا، وألقى بعدها عدة خطب وخطابات في أماكن أخرى ومن ثم عاد إلى إسطنبول

كتابته لنشيد الاستقلال التركي

وفي عام 1920 م تم طرح مسابقة لاختيار النشيد الوطني التركي شاركت فيها آنذاك 724  قصيدة شعرية وتم وضع مكافأة 500 ليرة تركية للفائز، بدايةً لم يرغب أرصوي بالاشتراك في المسابقة
أصر وزير التربية آنذاك حمدالله صبحي بيك على أن يكون أرصوي ضمن المشاركين في المسابقة واستعان بالوسطاء لتحقيق ذلك، فاقتنع أرصوي بالاشتراك في المسابقة بتشجيع من صديقه حسن بصري، شريطة إلغاء الجائزة النقدية المخصصة لها ثم أكمل نشيد الاستقلال وأرسله
إلى وزارة التربية. وقبل إعلان النتيجة نُشِر النشيد في مجلات محلية، وكان في مقدمة الشعر إهداء يحمل عنوان: “إلى جيشنا البطل”
وقبلت قصيدته كنشيد وطني، و تبرع محمد عاكف بالجائزة التي منحت له للمؤسسات الخيرية
وقال أرصوي شارحاً سبب عدم إدراجه لنشيد الاستقلال ضمن كتابه الشعري “صفحات” : “إنه ليس لي، بل هو ملك لشعبي”
عاش محمد عاكف لمدة طويلة في مصر بعد انتهاء حرب الاستقلال ونيل النصر وعاد إلى إسطنبول في 17 حزيران عام 1936 من أجل العلاج . وتوفي فيها في 27 كانون الأول عام 1936 في بناية مصر في منطقة بيه أوغلو

لا تحزنْ، لن تخمدَ الرايةُ الحمراءُ في شفقِ السماءْ

قبلَ أن تخمدَ في آخرِ دارٍ على أرضِ وطني شعلةُ الضياءْ

إنها كوكبٌ سيظلُّ ساطعاً فهي لأمتيَ الغراءْ

إنها لي ولشعبي دونَ انقضاءْ

هلالَنا المدلل، أرجوكَ لا تقطبْ حاجبَ الجمالْ

ابتسمْ لعرقي البطلِ ! ما هذهِ الهيبةُ وذاكَ الجلالْ؟

وإلا لن تصبحَ دماؤُنا الزكيةُ لكَ حلالْ

من حقِّ أمتي التي تعبدُ الحقَّ الاستقلالْ

كنتُ حراً منذُ الأزلِ وأحيا حراً

أيُّ أرعنٍ يقيدُني بالسلاسلِ ، ما أعجبه أمراً !

إنني كالسيلِ الهائجِ أكسرُ السدودَ وأندفع فوراً

أحطمُ الجبالَ ، أملأُ الأرجاءَ ، أنتفض فيضاً

لو أحاطَ الجدارُ المدرعُ آفاقَ الغربِ

فإن حدودَ بلادي في صدري كالإيمانِ الصلبِ

لا تخفْ فأنت الأعزُّ وليست لخنقِ الإيمانِ بالغالبِ

تلك الحضارةُ التي ما هي إلا وحشٌ وحيدُ النابِ

يا صاحبي، إياكَ أن تجعلَ الوطنَ عرضةً للأدنياءْ

كن سداً منيعاً أمامَ الغزوِ السافرِ كالأقوياءْ

فستشرقُ تلكَ الأيامُ التي وعدَها اللهُ للعظماءْ

ومن يدرِ لعلَّ غداً أو قبلَه ينتشرُ الضياءْ

لا تحسبنَّ ما تحتَ رجليكَ تراباً وأيقنْ

واحتسبْ لآلافِ الراقدينَ من دونِ كفنْ

أنتَ ابنُ الشهيدِ لا تؤذِ الأجدادَ واركنْ

لا تفرطْ بجنتكَ ولو أعطوكَ الكونَ بلا ثمنْ

من منا لهذا الوطنِ الجنةِ لا يقدمُ نفسا ؟

تفيضُ الأرضُ بالشهداءِ لو لمستَها لمسا !

بروحي وحبي وملكي للهِ طبتُ نفسا،

إلا الوطنَ لا أستطيعُ دونَه العيشَ أنسا

تتضرعُ نفسي لكَ يا إلهي بالدعاءْ

لصون المعابدِ من الأيدي الملطخةِ للأعداءْ

ليبقى الأذانُ بالشهادةِ صادحاً في العلاءْ

فهو عمادُ ديني يتخلدُ في وطني بالجلاءْ

ويسجدُ لكَ شاهدُ قبري وإن يكُ حينئذٍ بالوجدْ

بدموعٍ داميةٍ يا إلهي من كلِّ جرحٍ للفؤادْ

فيقفزُ نعشي من الأرضِ كالروحِ المجردْ

وتسمو هامتي لذرا العرشِ بامتدادْ

رَفرفْ كالشفقِ الأحمرِ يا أمجدَ هلالْ

لتكنْ دماؤُنا كلُّها لكَ حلالْ

لن يصيبَك ولا عرقيَ الاضمحلالْ

والحريةُ من حقِّ رايتي الحرة لا جدالْ

ومن حقِّ أمتي التي تعبدُ الحقَّ الاستقلالْ

مرحبا تركيا_هدى البصيري

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *