• 29 مارس 2024

ماتَ كمداً بعد سماعه خبراً عن مجزرة بالمسلمين.. سيرة السلطان الرحيم “عبد الحميد” الأول

”الله يعلم كم حزنت من التقرير حول سقوط أوزي. إن وقوع كل هذه الاعداد من المسلمين رجالا و نساء و أطفالا في أيدى هؤلاء الكفار قد ملأ قلبي كدراً وغماً .يا رب أنت مالك الملك, كل أملى و دعائي هو ان تريني قبل وفاتي رجوع هذه البلدان إلى أيدى المسلمين”  هذه كلمات كتبها السلطان عبد الحميد الأول  في الخط الهمايون بعد مذابح أوزي وهوتين  متأثراً  بما أرتكبه الروس في المسلمين آنذاك ، ليتوفى بعدها السلطان  بفترة وجيزة بعد اصابته بجلطة في الدماغ.

السلطان عبد الحميد الأول ابن السلطان أحمد الثالث ولد سنة 1137 هجريا / 1724 م ومضى مدة حكم أخيه مصطفى الثالث محجوزاً في سرايته.

كان بطبيعته شخصا صافي القلب رحيماً بالشعب ومتدينا إلى درجة أن الروايات حول كراماته انتشرت بين افراد الشعب.

كما كان يهتم بأمور الدولة عن قرب وبذل جهده طوال حكمه في تحقيق الاصلاحات التي تحتاجها الدولة وسعى لتعيين الرجال الاكفاء في مختلف المناصب.

الدولة العثمانية و روسيا في عهد السلطان عبد الحميد الأول

كانت روسيا تستعد استعداداً هائلا لرد ما فقدته من الاسم و الشرف في أواخر عهد السلطان مصطفى الثالث ” ولم يأت شهر يونيو سنة 1774م الا وقد زحف الجيش الروسي وهزم الجيش العثماني  في مدينة ” قوزليجق ” فى 14 يوليو 1774 م ” وسرعان ما طلب   الصدر الاعظم الهدنة ووقف القتال و الاتفاق على الصلح .

وارسل اليهم مندوبين للاتفاق على عقد الصلح و قبول الشروط التي رفضتها الدولة عند اجتماع مؤتمر بوخارست , فأجتمع المندوبان التابعان للدولة العثمانية مع البرنس ” رابنين ” سفير روسيا فى مدينة ” قينارجه .

وبعد مفاوضات اخذت وقت طويل تم موافقة الصدر الاعظم على ثمانية وعشرون بنداً أهمهم

_ استقلال تتار القرم

_ استقلال بساربيا و قوبان مع حفظ سيادة الدولة العليا فيما يتعلق بالأمور الدينية
_ تسليم كافة البلاد و الاقاليم التي احتلتها روسيا الى خان القرم ماعدا قلعتي كريش ويكى

_ رد ما اخذ من املاك الدولة بالفلاخ و البغدان وبلاد الكرج ومنكريل و جزائر الروم ماعدا قبرطة الصغيرة و قبرطة الكبيرة واّزاق

_ أن يعطى الامبراطور الروسي لقب  باديشاه في المعاهدات و المحررات الرسمية

_ أن يكون للمراكب الروسية حرية الملاحة في البحر الاسود و البحر المتوسط

_ أن تبنى روسيا كنيسة بقسم بيرا بالاستانة و يكون لها حق حماية جميع المسيحيين التابعين للمذهب الأرثوذكسي من رعايا الدولة

_ جميع المعاهدات التي عقدت قبل ذلك لاغية

وتم اضافة بندان سريان لتلك المعاهدة جاء فيهما

البند الاول : أن الدولة العثمانية تدفع لروسيا مبلغ خمسة عشر ألف كيسة بصفة غرامة حربية على ثلاث أقساط متساوية في اول يناير 1775 م , 1776م , 1777م

البند الثاني : تقدم  الدولة العثمانية لروسيا المساعدات اللازمة  للجلاء عما احتلته من جزائر الروم و سحب أساطيلها منها.

استيلاء روسيا على بلاد القرم

بدأت روسيا تنفيذ سياستها وما تصبوا إليه في السيطرة على بلاد القرم عقب نيل تلك البلاد لاستقلالها من الدولة العثمانية وبالتالي سعت لنشر الفوضى و الفتن و القلاقل بين الأهالي حتى عزلوا أميرهم ” دولت كراى ” الذى  أنتخبه الأهالي بمقتضى نصوص معاهدة ” قينارجه ” و أقاموا ” جاهين كراى ” مكانه فلم يقبل تعيينه فريق من الاعيان و خيف من وقوع حروب داخلية .

الدولة العثمانية تعلن الحرب على روسيا

لذلك رأت الدولة العثمانية ان تبدأ هي بأعلانا الحرب فأرسلت بلاغا إلى سفير روسيا بالاستانة 1787 م

اولا : تطلب منه تسليم ( موروكرادتو ) حاكم الفلاخ الذى عصى الدولة و ألتجأ الى روسيا

ثانياً : التنازل عن حماية بلاد الكرج بما انها تحت سيادة الدولة و عزل بعض قناصلها المهيجين للأهالي

ثالثاً : قبول قناصل للدولة فى موانئ البحر الاسود

رابعاً: ان يكون للدولة العثمانية الحق في تفتيش مراكب روسيا التجارية التي تمر من بوغاز الآستانة للتحقيق من أنها لا تحمل سلاحا أو ذخائر حربية

فرفض السفير هذه الطلبات مما أدى إلى قيام الدولة العثمانية بالقبض على لسفير ومن ثم إعلان الحرب في أغسطس 1787 م

ولما كان الجنرال ” بوتمكين ” لم يستعد للحرب بعد فقد عرض على الامبراطورة كاترينا الانسحاب من القرم لاسيما قيام ملك السويد ” جوستاف الثالث ” بانتهاز الفرصة لإعلان الحرب لتعويض ما فقده من املاك لروسيا

ولكن الامبراطورة رفضت وأرسلت له بضرورة الجد في السعي لمواجهة العثمانيين وبالفعل تم هذا واسرع في محاصرة ( أوزى ) فحاصرها مدة ثم دخلها عنوة فى 19 نوفمبر 1788 م ) وفى هذه الاثناء كانت النمسا أعلنت الحرب على الدولة العثمانية مساعدة لروسيا و حاول امبراطورها ” يوسف الثانى ” الاستيلاء على مدينة بلغراد فعاد بالخيبة إلى مدينة تمسوار حيث اقتفى أثره الجيش الجيش العثماني و انتصر عليه نصراً مبينا , فترك الامبراطور قيادة جيوشه إلى القائد ( لودن )

مجازر روسيا في أزوي وهوتين ووفاة السلطان عبد الحميد الأول

وهكذا استطاعت القوات العثمانية تصفية النمسا و بقيت وجهاً لوجه مع روسيا ولكن القوات الروسية استولت على قلعة ” أزوى ” و قامت بمذبحة ضد المسلمين هناك , ثم استولت على ” هوتين ” مركز ” بودوليا ” حيث كررت المذابح هناك ايضا
وقد سببت تلك الالام و الاحزان التي سببتها مذابح ” أوزى ” ومذابح ” هوتين ” للسلطان نزيف دماغى .

توفى السلطان  بسبب نزيف دماغي في 12 رجب 1203 هجريا/ 7 ابريل 1789 م حيث دفن فى ضريح .
كان قد بناه في ” باهجا قابى .”

(خاص-مرحبا تركيا)

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *