• 28 مارس 2024
 روائع من التاريخ العثماني 3 .. السلطان الصاعقة سلطان الحق والصلاحية

روائع من التاريخ العثماني 3 .. السلطان الصاعقة سلطان الحق والصلاحية

روائع من التاريخ العثماني 3 .. السلطان الصاعقة سلطان الحق والصلاحية

نتابع مع حضراتكم سلسلة روائع من التاريخ العثماني مع بطل جديد وقصص جديدة، وبطلنا لهذا اليوم هو السلطان “بايزيد الأول”، الملقب بـ “الصاعقة” (1360 – 1403م) الذي أفزع العالم المسيحي عندما قام بحصار “القسطنطينية” في عهد الإمبراطور البيزنطي: “مانويل” سنة 1391م.

عندما اجتمع مجلس الأعيان في مدينة “البندقية” عام 1393م، قرروا إرسال نداء إلى جميع ملوك أوروبا لجمع جهودهم وجيوشهم؛ لقتال العثمانيين وإخراجهم من أوروبا.

من جانب أخر عقد “سيجموند” ملك المجر، اتفاقاً سرياً مع “شيشمان” ملك البلغار ضد العثمانيين، وكان هذا الإتفاق يرمي إلى استرجاع الجزء الذي فتحه العثمانيون في عهد السلطان “مراد الأول”.

ما إن سمع السلطان “بايزيد” بهذا الإتفاق، حتى أرسل حملة قوية إلى “بلغاريا”، واستطاعت هذه الحملة التقدم نحو العاصمة “طور نوفا” وحصارها وفتحها، ثم تقدمت واستولت على مدن “سلسترا” و “نيغبولي” و “فيدين” على طول نهر الدانوب، كما تم أسرُ الملك “شيشمان” وإرساله إلى مدينة “أدرنة” التي كانت آنذاك عاصمة للدولة العثمانية. فأصبحت بلغاريا بأجمعها ضمن المملكة العثمانية.

ارتعب “سيجموند” ملك المجر من هذه التطورات السريعة، وعلم أن الدور سيكون عليه، ولكنه أراد أن يظهر اعتزازه بنفسه، وأنه لا يخاف أحداً، فأرسل وفداً الى السلطان “بايزيد”.

كان الوفد مكلفاً أن يقول للسلطان شيئاً واحداً وهو:

– بأي حق وبأية صلاحية قمتم بغزو “بلغاريا”؟

استمع السلطان الى الوفد، وابتسم ابتسامة خفيفة، ثم قال للوفد:

– حسناً! … سأُريكم بأي حق، وبأي صلاحية قمنا بغزو “بلغاريا”.

ثم همس في أذن الحاجب، وطلب منه أن يأتيه بمصحف، وعندما أتاه بالمصحف قبله أولاً، ثم أخذه بيمينه وسل سيفه بيساره، وقال للوفد، وهو يرفع يده اليمنى بالمصحف:

– بهذا الحق أيها السفير … بهذا المصحف.

ثم رفع سيفه بيساره:

وبهذه الصلاحية أيها السفير… بهذا السيف.

وخرج الوفد من عنده وقد نَكسُوا رؤوسهم.

اقرأ أيضاً: معركة نيكوبوليس.. الإعصار العثماني الذي غزا أوروبا

روائع من التاريخ العثماني

روائع من التاريخ العثماني - السلطان بايزيد الأول سلطان الحق والصلاحية
روائع من التاريخ العثماني – السلطان بايزيد الأول سلطان الحق والصلاحية

روائع من التاريخ العثماني.. عندما رفضت شهادة السلطان الصاعقة

نحن الآن في مدينة “بورصة” وما زلنا في عهد السلطان العثماني “بايزيد”، الملقب بـ”الصاعقة”… الفاتح الكبير.

فاتح بلاد “البلغار” و”البوسنة” و”سلانيك” و”ألبانيا”…

السلطان الذي سجّل انتصاراً ساحقاً على الجيوش الصليبية، التي دعا إلى حشدها البابا “بونيغا جيوش الرابع”، لطرد المسلمين من أوروبا، والتي اشتركت فيها خمس عشرة دولة أوروبية كانت “إنجلترا” و”فرنسا” و”المجر” من بينها، وذلك في المعركة التاريخية المشهورة، والدامية معركة “نيغبولي” سنة 1396م.

هذا السلطان الفاتح اقتضى حضوره للإدلاء بشهادة في أمر من الأمور أمام القاضي والعالم المعروف “شمس الدين فناري”.

دخل السلطان المحكمة … ووقف أمام القاضي، وقد عقد يديه أمامه كأي شاهد اعتيادي.

رفع القاضي بصره إلى السلطان، وأخذ يتطلع إليه بنظرات محتدة، قبل أن يقول له:

“إن شهادتك لا يمكن قبولها، ذلك لأنك لا تؤدي صلواتك جماعة، والشخص الذي لا يؤدي صلاته جماعة، دون عذر شرعي يمكن أن يكذب في شهادته”.

نزلت كلمات القاضي نزول الصاعقة على رؤوس الحاضرين في المحكمة… كان هذا اتهاماً كبيراً، بل إهانة كبيرة للسلطان “بايزيد”.

تَسمّر الحاضرون في أماكنهم، وقد أمسكوا بأنفاسهم ينتظرون أن يطير رأس القاضي بإشارة واحدة من السلطان … لكن السلطان لم يقل شيئاً، بل استدار وخرج من المحكمة بكل هدوء.

أصدر السلطان في اليوم نفسه أمراً ببناء جامع ملاصق لقصره، وعندما تم تشييد الجامع، بدأ السلطان يؤدي صلواته في جماعة.

اقرأ أيضاً: روائع من التاريخ العثماني (2) .. السلطان الذي طلب الشهادة فنالها

هذا ما سجله المؤرخ التركي “عثمان نزار” في كتابه: “حديقة السلاطين” المؤلف قبل مئات السنين.

عندما كان المسلمون يملكون أمثال هؤلاء العلماء، ملكوا أمثال هؤلاء السلاطين.

المصدر: كتاب روائع من التاريخ العثماني – للمؤلف: أورخان محمد علي

 والجدير بالذكر أن السلطان بايزيد الأول تولى زمام الدولة خلفاً لوالده السلطان مراد الأول، وفي بداية استلامه للحكم سارع السلطان بايزيد إلى تهدئة الجبهات المشتعلة على الحدود الأوروبية، وبعد إحلال السلام المؤقت في أوروبا؛ اتجه بايزيد لإجهاض الثورات والتمردات المحلية في منطقة الأناضول، وقام بضم المزيد من المدن والقرى تحت سيطرته هناك، وكذلك أبدى تركيزاً فائقةً في سبيل انتزاع باقي أملاك الدولة البيزنطية في آسيا، إلى أن تقلَّصت مساحة الإمبراطورية البيزنطية حتى حدود القسطنطينية وما حولها.

 

 

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *