يعتبر شهر آب/ أغسطس من أهم الشهور بالنسبة للأتراك حيث أحرز أجدادهم العثمانيون خلال هذا الشهر الكثير من الفتوحات والانتصارات العظيمة، وكذلك استطاع الأتراك في الثلاثين من آب/أغسطس تحرير مناطق واسعة من بر الأناضول كان الحلفاء قد احتلوها خلال الحرب العالمية الأولى، أطلق على هذا اليوم بعد ذلك عيد الاستقلال.
نستعرض معكم خلال هذا التقرير أبرز خمسة فتوحات إسلامية حققها الأتراك خلال هذا الشهر:
أولاً: معركة ملاذكرد (26 آب/أغسطس 1071)
وقعت بين السلاجقة بقيادة السلطان ألب أرسلان والبيزنطيين عام 1071 ذي ال قعدة463 هـ أنتصر فيها السلاجقة واسر الإمبراطور البيزنطي بيد السلاجقة وكانت هذه هي البداية انتهاء الدولة البيزنطية واندحارها بعد ولم يستطيع الامبراطور البيزنطي أن يخلص نفسه إلا بفدية كبيرة قدرها مليون ونصف من الديارات، وعقد الروم صلحًا مع السلاجقة مدته خمسون عامًا، واعترفوا بسيطرة السلاجقة على المناطق التي فتحوها من بلاد الروم. والبيزنطيين بقيادة إمبراطورها رومانوس ديوجينس.
كان انتصار ألب أرسلان بجيشه الذي لم يتجاوز خمسة عشر ألف محارب على جيش الإمبراطور دومانوس الذي بلغ مائتي ألف، حدثاً كبيراً، ونقطة تحول في التاريخ الاسلامي لأنها سهلت على اضعاف نفوذ الروم في معظم أقاليم آسيا الصغرى، وهي المناطق المهمة التي كانت من ركائز وأعمدة الإمبراطورية البيزنطية. وهذا ساعد تدريجياً للقضاء على الدولة البيزنطية على يد العثمانيين.
كما أنه كان بمثابة مفتاح دخول الأتراك للأناضول، وكذلك مهد للحروب الصليبية بعد ازدياد قوة السلاجقة المسلمين وعجز دولة الروم عن الوقوف في وجه الدولة العثمانية.
ثانياً: معركة موهاكس (29 آب/ أغسطس 1526)
دارت هذه المعركة بين الجيش العثماني بقيادة السلطان سليمان والجيش المجري في التاسع والعشرين من آب/أغسطس عام 1926.
كانت هذه المعركة من المعارك التي يشهد بها التاريخ، حيث تم القضاء على الطرف الآخر في وقت قصير جدا، لم يتجاوز الساعتين، وقام الجيش العثماني بعد يومين بعمل عرض عسكري، أمام السلطان سليمان القانوني
ولا شك أن هذه المعركة ظلت تاريخا أسود، يلاحق المجرين بعد مرور أكثر من 400 عام حتى يومنا الحاضر، إذ يعتبرونه يوم شؤم على تاريخهم، وهناك مثلٌ شائعٌ عند تعرض المجري لحظ سيء يقول “أسوء من هزيمتنا في موهاكس.
ثالثاً: معركة جالديران (23 آب/أغسطس 1514)
وقعت معركة جالديران بين السلطان العثماني سليم الأول والشاه إسماعيل الصفوي في الثالث والعشرين من آب / أغسطس عام 1514.
استعد السلطان سليم الأول لمعركة حاسمة مع الصفويين، فبدأ أولاً بحصر الشيعة الاثني عشرية الموالين للصفويين في شرق الدولة وأعدمهم جميعًا؛ حتى لا يبقى للصفويين جواسيس بالمنطقة، ثم استدعى أحد أفراد أسرة “آق قويونلو” وهي الأسرة التي كانت تحكم إيران والعراق قبل ظهور الصفويين، وحثّه على الاشتراك معه في القتال، فوافق وانضم بجنوده.
أرسل سليم الأول بجيوشه الجرارة إلى صحراء جالديران، واحتل الأماكن الهضبية؛ مما أمكنه من السيطرة على ميدان المعركة. وفي الثالث والعشرين من آب/ أغسطس، انقض سليم الأول بجيوشه كالصاعقة على جيوش الصفويين، فمزقها شر ممزق، وفرَّ إسماعيل الصفوي من أرض المعركة.
واصل سليم الأول سيره حتى احتل تبريز عاصمة الصفويين وجعلها مركزًا لعملياته الحربية، ولكن سليم الأول اكتفى بانتصاره في جالديران.
وأضعفت قوة الدولة البيزنطية، ولم تعد كما كانت من قبل شوكة في حلق المسلمين، حتى سقطت في النهاية على يد السلطان العثماني محمد الفاتح.
رابعاً: فتح قبرص (1 آب/أغسطس 1571)
فتح المسلمون الجزيرة في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وانتشر الإسلام بها، وتعاقبت العديد من الدول التي حكمتها، إلا أن فتحها العثمانيون عام 1571 لإنقاذ الجزيرة من حكم البنادقة الذين عثوا بها فساداً وامتصوا خيراتها وتدهورت أحوال الجزيرة الاقتصادية.
وهذا مهد السبيل أمام العثمانيين لأن يفتحوا الجزيرة مرة أخرى ويعيدوها لحظيرة الإسلام، وذلك في عهد السلطان “سليم الثاني وبجيش جرار يقدر بمائة ألف مقاتل، ورغم المقاومة المستميتة من أهل قبرص خاصة من مدينة “فامر جستا” إلا أن الجزيرة فتحت عام 1571، وقام العثمانيون بنقل أعداد كبيرة من سكان الأناضول إلى قبرص، ولا يزال أحفادهم مقيمين بالجزيرة حتى الآن.
وقد ظلت جزيرة عثمانية هادئة لأكثر من ثلاثمائة منذ الفتح العثماني حتى عام 1878 ميلادية عاشت الطائفتان التركية واليونانية في وئام وود طوال الحكم العثماني.
الجدير بالذكر أن هذا الفتح سيكون سببًا مباشرًا لتحالف صليبـي كبير ضد الدولة العثمانية ومعركة “ليبانتو” البحرية، وهي أشهر معركة بحرية في القرن العاشر الهجري والسادس عشر الميلادي.
خامساً: فتح بلغراد (29 آب/ أغسطس 1521)
كان السلطان العثماني سليمان القانوني يقوم بدوره في نشر الإسلام كخليفة للمسلمين ، وفتح البلدان ، فأرسل إلى ملك المجر سفيرًا يخيره بين الإسلام أو الجزية أو الحرب .
فما كان من ملك المجر ( لويز الثاني ) إلا أن أمر بإعدام السفير ، مما أثار غضب السلطان سليمان ، فأمر بتجهيز الجيوش وجمع كل ما تتلطبه من الذخائر والمؤن ، وسار هو بنفسه في مقدمة الجيش ، وأرسل أحد مشاهير قواده ( واسمه أحمد باشا) لمحاصرة مدينة ” شابتس ” الواقعة شمال بلغراد والتي تسمى اليوم سابوتيكا، ففتحها يوم2 شعبان سنة 927هـ(الموافق 8 تموز – يوليو سنة 1521م)، ووصل إليها السلطان سليمان في اليوم التالي ، ثم قاد الجيوش التي كانت تقوم على حصار هذه المدينة لمساعدة وزيره ( بير محمد باشا ) الذي كان يحاصر مدينة بلغراد في التاريخ الموافق 1 آب/أغسطس 1521، ويضيق الخناق عليها، ودافع المجريون عن عاصمتهم دفاعًا شديدًا ، غير أن جند المسلمين تمكنوا من اقتحامها يوم 25 رمضان سنة 927 هـ ( 29 أغسطس سنة 1521م ) وأخلى الجنود المجريون قلعتها ، ودخلها السلطان ، وصلى الجمعة في إحدى كنائسها التي حُوِّلت فورًا إلى مسجد .
(خاص-مرحبا تركيا)