ما أن ترى عيناك مآذن جامع “السلطان أيوب”، يغمرك جو من الطمأنينة، قبيل أن يصدح المؤذن بصوته لصلاة الفجر، فالعشرات يجتمعون في المكان لتناول طعام السحور مع أسرهم، تلك اللوحة تجسد جوهر إسطنبول.
يجتمع الأتراك يوميًا بأعداد كبيرة، في باحات وجنبات جامع الصحابي أبو أيوب الأنصاري، (السلطان أيوب) يحرصون على القدوم مبكراً، لتناول طعام السحور، وأداء صلاة الفجر، في واحد من أكثر الأماكن روحانية في شهر رمضان المبارك.
بجانب الجامع، تقع حديقة ضخمة تلم شمل القادمين، يحضرون من بيوتهم ما لذ وطاب، ويفترشون الأراضي، يتسامرون فيما بينهم، ليكملوا بقية الوقت في العبادة وتلاوة القرآن.
“ميردا أويصال”، سيدة تركية حضرت لتناول سحورها في “السلطان أيوب”، قالت عن سبب اختيارها المكان “في كل شهر رمضان لا بد من حضورنا هنا لتناول السحور، حضرت مع أختي وزوجها، وأحضرنا ما يمكن تناوله في طعام السحور معنا إلى هنا”.
وأضافت في حديث للأناضول: “هذا المكان يُعتبر كالحرم المكي بالنسبة لنا، لا يتسنّى لنا أن نذهب للكعبة، ولكننا نحضر هنا، فنحمد الله على وجود هذا المكان”.
وتابعت: “منطقة السلطان أيوب تمثل لنا القوة الروحية، فهي حبُّنا، فحينما يذكر هذا المكان، لا نتمالك أنفسنا من البكاء، حيث إنه ذو قيمة عظيمة في قلوبنا، وندعو الله أن يكتب ولإخواننا زيارة هذا المكان”.
أما “إرول جاغلار”، الذي حضر مع زوجته وطفله، فقال “حضرنا من منطقة بانديك التي تبعد عشرات الكيلو مترات من هنا، لتناول طعام السحور، وعيش هذه الحالة الروحانية الجميلة، السحور هنا له مذاق خاص، لا يمكن وجوده في مكان آخر، الجميع سعيد بوجوده هنا في هذه البقعة التاريخية التي نأمل أن نحضر لها دائمًا”.
ومسجد “السلطان أيوب”، هو أول مسجد بناه العثمانيون بإسطنبول بعد فتحها، عام 1458 م، ويحتضن في باحته قبر الصحابي الجليل أبو أيوب الانصاري، الذي توفى ودفن هناك عام 52 للهجرة خلال محاولة المسلمين فتح القسطنطينية.