إسطنبول/ عمر جبريل رحومة
ذلك الإتفاق الذي وقع في مدينة إسطنبول _ تركيا، في شهر يوليو2022 الماضي بين روسيا وأوكرانيا، لحل أزمة تصدير الحبوب والأسمدة، عبر الموانئ الأوكرانية وموانئ البحر الأسود، التي توقفت في بدايات الحرب.
ووقعت الإتفاقية بوساطة تركية ورعاية أممية، وكانت نتاجاً لأكثر من أربعة أشهر من المفاوضات المتواصلة من الجانب التركي، الذي لعب دوراً مهماً، وما زال يجري كثيراً من الإجتماعات بين الطرفين المتحاربين.
لا شك أن الإتفاقية قد انقذت السوق العالمي، من تهديدات فقدان السلع والحبوب والأسمدة في فترة الحرب الروسية الأوكرانية، لذلك هذا الإتفاق الذي لقي دعماً واشادة واسعة من الدول الصديقة للدولة والسياسة التركية.
ووقع وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو”، على الإتفاق بشكل منفصل مع نظيره التركي خلوصي أكار، وبعد ذلك وقع وزير البنى التحتية الأوكراني “ألكسندر كوبراكوف”، على الإتفاقية مع الوزير التركي بإشراف الأمين العام للأمم المتحدة.
ووفقا للاتفاق، سيُستأنف تصدير الحبوب الأوكرانية من 3 موانئ في مقاطعة أوديسا جنوب أوكرانيا والمطلة على البحر الأسود وهي أوديسا وتشورنومورسك ويوجني.
وينص الاتفاق على إنشاء مركز مشترك للتنسيق والقيادة مقره إسطنبول للإشراف على سير العمليات وحل الخلافات، وسيشارك في المقر الطرفان المتحاربان ومسؤولون من تركيا والأمم المتحدة.
الإتفاقية تجد إهتماماً كبيرا من الدولة التركية، حيث وصف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إتفاقية إسطنبول لنقل الحبوب بأنها “خطوة مهمة نحو ضمان الأمن الغذائي العالمي”.
أردوغان يمنح الإتفاقية 120 يوماً للإستمرار:
تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تحديات غذائية تواجه العالم، وذلك خلال مشاركته أعمال قمة العشرين الأندونيسية حيث قال: يجب التحرك من قبل قادة العالم لتجنب أزمة غذائية محتملة خاصة في الأرز والقمح.
وبعد تصريحاته تلك، بأيام عاد أردوغان ليعلن عن قراره بتمديد فترة سريان جديدة لإتفاقية إسطنبول بـ 120 يوماً إضافية، القرار الذي جعل محللون يرون انه جاء انقاذاً مرة أخرى للإتفاقية، التي وجدت الكثير من التعقيدات والتحديات في طريقها، على غرار الإنسحاب الروسي المفاجئ من الإتفاق، قبل أن يقرر العودة اليه مرة أخرى، في المقابل، وجدت الاتفاقية دعماً دولياً في الجانب الاخر.
دعم دولي للاتفاقية:
وجدت إتفاقية إسطنبول دعماً دولياً كبيراً، وعبّرت عدة دول على لسان زعماءها ومنظماتها المدنية، عن دعمهم وتعاونهم مع الإتفاقية وضرورة تنفيذ بنودها، حيث صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تعليقه على توقيع الإتفاقية بالقول: ما نراه هنا في إسطنبول وأوديسا، هو فقط الجزء الأكثر وضوحاً من الحل، والجزء الآخر هو هذه الصفقة الشاملة، والوصول دون عوائق الى الأسواق العالمية للأغذية والاسمدة الروسية.
وجدد غوتيريش تصريحاته بعد قرار أردوغان الأخير، معرباً عن شكره لأردوغان باتخاذه قرار إستمرار الإتفاقية لـ120 يوماً إضافية.
وفي أعمال قمة العشرين الإقتصادية التي إنعقدت بإندونيسيا، وجدت الخطوة التركية ترحيباً من المجتمع الدولي، حيث عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن دور الرئيس التركي المهم في قيادته لعملية الحوار بين روسيا وأوكرانيا من أجل الوصول إلى سلام والتي من سيناريوهاتها توقيع اتفاقية إسطنبول لنقل الحبوب الأوكرانية.
وعند لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونظيره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على هامش أعمال قمة العشرين الاقتصادية، تناولت المباحثات بين رئيسي البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، تمديد اتفاق البحر الأسود، الذي يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية.
تحديات في طريق الإتفاقية:
تعرضت الإتفاقية لعدد من التحديات الإقليمية والدولية، وعلى إثرها تعرضت الحكومة التركية لضغوطات من أحزاب المعارضة الداخلية، لكن تبقى أهم التحديات التي تواجه تنفيذ إتفاقية إسطنبول لنقل الحبوب.
الحرب الروسية الأوكرانية:
بدأت الحرب الروسية (المستمرة منذ عقود) بعد تنفيذ روسيا الى العديد من العمليات العسكرية في الأراضي الأوكرانية، بعد إحتجاجات الدول الأوروبية، وعزل الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، وسيطرة القوات الروسية على مواقع إستراتيجية وحيوية في شبه جزية القرم، وبعد ذلك قامت روسيا بضم القرم، تحت سيادتها بعد الإستفتاء في القرم.
وتشير الإحصاءات الى ارقام الخسائر التي خلفتها الحرب الروسية – الأوكرانية حيث بلغ عدد الوفيات38,000 على الأقل وعدد الإصابات 53,616 على الأقل في حين بلغ عدد النازحين 14 مليون تقريباً وبلغت الخسائر المالية350مليار دولار تقريباً.
وفي 24 فبراير 2022، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانسيا من قبل القوات المسلحة الروسية، التي تركزت سابقًا على طول الحدود. تبع الغزو غارات جوية استهدفت المباني العسكرية في البلاد، وكذلك دخول الدبابات عبر حدود بلاروسيا. أعلن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الأحكام العرفية في جميع أنحاء أوكرانيا.سُمعت صفارات الإنذار من الغارات الجوية في جميع أنحاء أوكرانيا معظم اليوم.
وبهذه المعطيات وغيرها من تداعيات الحرب وإحتمالية إستمراريتها تعتبر المهدد والتحدي الرئيسي في التأثير المباشر، على تنفيذ إتفاقية إسطنبول لنقل الحبوب.
الإنتخابات التركية2023
من المقرر ان تجري الإنتخابات العامة في تركيا عام 2023، لانتخاب رئيساً جديداً ، بالإضافة إلى 600 عضو في الجمعية الوطنية الكبرى في تركيا، كل منهم لمدة خمس سنوات.
وستكون تداعيات نتيجة الإنتخابات التركية 2023 لها تأثيراتها بشكل مباشرعلى استمرارية الاتفاقية أو توقفها.
تابع قراءة الموضوع.. //ar.wikipedia.org/wiki/