تعد قضية الأمن المائي في تركيا، على رأس أولويات الحكومات التركية، فإذا كانت الزراعة بمثابة شريان رئيسي للاقتصاد التركي، فإن وفرة الماء سبب في تغذية هذا الشريان، وإلى جانب دور الماء في الزراعة والريّ بات أيضا له أهمية توليد الكهرباء عبر الطاقة الكهرومائية المتولدة من جريان الأنهار، المجال الذي تولي له تركيا أهمية كبيرة مؤخراً.
في حفل افتتاح مجموعة مشاريع تنموية تحت عنوان “قوة الماء تلتقي بالشعب” والذي أقيم بالمجمع الرئاسي في أنقرة؛ ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطاباً عن الأمن المائي في تركيا وواقع ومستقبل المشاريع المائية.
فيما يلي أبرز الأفكار التي جاءت في الخطاب..
الأمن المائي في تركيا حيث لا فرق بين حماية الماء وحماية الوطن
قال الرئيس أردوغان في خطابة: “إننا نحرص على استخدام موارد بلادنا المائية بأكثر الطرق فعالية وكفاءة، ولا نرى أي فرق في الطبيعة بين حماية مياهنا وحماية وطننا”، وأكد على ضرورة أن تتخذ تركيا الخطوات اللازمة لمواجهة هذا الوضع الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم في إشارة إلى تغير المناخ وتأثيره على تراجع منسوب الماء في البلاد.
كما بيّن أن الحكومة قامت بتنفيذ العديد من المشاريع المهمة خلال 19 سنة الماضية، الأمر الذي سيضمن الأمن المائي في تركيا إلى جانب الأمن الغذائي، وصرّح في هذا الصدد: “لقد أعددنا 81 خطة عمل إقليمية لمياه الشرب حتى لا تعاني مدننا من نقص في مياه الشرب، من خلال خطة العمل هذه، قمنا بتخطيط احتياجات مياه الشرب لمقاطعاتنا إلى أعوام 2040 و 2050 وحتى 2071”.
شاهد: بزوغ الفجر.. فيلم تركي جديد سيعرض في ذكرى انقلاب 15 تموز
مشاريع مياه الشرب لتحقيق الأمن المائي في تركيا
وتحدث الرئيس التركي عن مشروع نظام جاراده (Gerede)، لمياه الشرب في أنقرة، حيث يُعد المشروع خطوة حاسمة من أجل تلبية احتياجات مياه الشرب المتزايدة المرتبطة بالسكان في أنقرة على المدى الطويل.
وفي حديثه عن هذا المشروع قال: “يحتوي نظام Gerede الذي يعد أحد الأعمال ذات الرؤية لبلدنا في مجال المياه بإجمالي استثمارات 1.2 مليار ليرة؛ على أطول نفق لنقل المياه في تركيا وهو واحد من القلائل في العالم… تم بناء هذا النفق، بطول 31.5 كيلومتراً وقُطر 4.5 متر، لأول مرة في بلدنا باستخدام 3 آلات حفر أنفاق في نفس الوقت”.
والجدير بالذكر أن مشروع نظام Gerede؛ سيزود أنقرة بمياه الشرب بجودة أعلى، بالإضافة إلى تلبية احتياجات مياه الشرب للمدينة حتى عام 2050، كأحد أهم مشاريع الأمن المائي في تركيا، وبلغت كمية المياه المزودة لأنقرة من المشروع حتى الآن 312 مليون متر مكعب إجمالاً، بما يعادل مليار ليرة من الناحية الاقتصادية.
في أنقرة التي يبلغ عدد سكانها 5 ملايين و663 ألف نسمة، يستخدم 2 مليون و550 ألف نسمة حالياً المياه التي يوفرها نظام Gerede، وعلى الرغم من الوباء والجفاف، فإن هذا المشروع يعد هو السبب في عدم تعرض أنقرة لمشكلة مياه الشرب حتى الآن.
وبالإضافة إلى نظام Gerede، سيتم اليوم تشغيل محطة معالجة مياه الصرف الصحي لحوض اشكلي Işıklı، وخط لتجميع مياه الصرف الصحي.
مع هذه المرافق، سيتم نقل مياه الصرف الصحي المنزلية والصناعية في Gerede من الحوض إلى المصب عبر 19 كيلومتر من خطوط التجميع، وستتم معالجتها في محطة معالجة مياه الصرف بسعة يومية تبلغ 8200 متر مكعب، وبالتالي سيتم منع مياه الصرف من تلويث أكبر مصدر لمياه الشرب في أنقرة في حوض Işıklı.
اقرأ أيضاً: الهيدروجين الأخضر في تركيا ثورة جديدة في مجال الطاقة المتجددة
السدود لتحقيق الأمن المائي في تركيا
وفي حديثه عن باقي مشاريع الأمن المائي في تركيا؛ تابع الرئيس أردوغان حديثه عن سد ديريتشاته Dereçatı، الذي كلّف بنائه 70 مليون ليرة، ويبلغ ارتفاعه 50.5 متراً من الأساس، وسوف يساهم بري 6 آلاف 910 دونمات من الأراضي الزراعية بنظام أنابيب الضغط.
كما تحدث عن سد سولاكيورت Sulakyurt الذي يبلغ ارتفاعه 51 متراً على مجرى تاريتوزو والذي سيروي 25690 دونماً من الأراضي الزراعية، سيساهم بتحقيق دخل السنوي بمقدار 17 مليون ليرة تركية، وتوفير فرص عمل لحوالي 2300 شخص.
كما بين أن تركيا قامت ببناء 26 سداً تحت الأرض، وتنوي زيادة عدد السدود الجوفية المنجزة إلى 150 سداً بحلول عام 2023.
إلى جانب العديد من الاستثمارات المتعلقة بمجال الأمن المائي في تركيا بإجمالي استثمار 1 مليار 470 مليون ليرة تركية لجميع المرافق.
المزيد من استثمارات الأمن المائي في تركيا
وبين الرئيس التركي حجم الاستثمار الإجمالي بمختلف مجالات الأمن المائي في تركيا، والذي وصل إلى 277 مليار ليرة، واصفاً ذلك بأنه كتحقيق أسطورة في هذا المجال، من خلال بناء 600 سد و423 بركة و590 محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية و1457 منشأة ري و262 مرفقًا لمياه الشرب في الخدمة.
وأشار إلى اهتمامه بتحقيق الأمن المائي في تركيا خلال فترة حكمه بالقول: “في السنوات الثلاث الماضية، استثمرنا أكثر من 41 مليار ليرة في نظام الحكومة الرئاسية في مجال المياه، وأنجزنا ما مجموعه 1000 منشأة، بما في ذلك 152 سداً وبركة، و225 منشأة ري، و46 منشأة لمياه شرب، و402 منشأة حماية من الفيضانات”.
وأكمل القول: “في السنوات الـ 19 الماضية، قدمنا مياه شرب إضافية لـ 45 مليون شخص من خلال 262 مرفقًا، بفضل المرافق التي بنيناها؛ قمنا بزيادة سعة تخزين المياه لدينا إلى 177.2 مليار متر مكعب”.
دور الأمن المائي في توليد الطاقة
وفي هذا المجال علّق الرئيس التركي بالقول: “بفضل تعاون القطاعين العام والخاص في مشاريع محطات الطاقة الكهرومائية، أزلنا عبئاً استثمارياً قدره 60 مليار دولار من الدولة، وهكذا قمنا بزيادة قدرة توليد الكهرباء في بلدنا البالغة 44 مليار كيلو وات / ساعة إلى 108 مليار كيلو وات / ساعة”.
اقرأ أيضاً: الطاقة الكهرومائية في تركيا الماء في خدمة الرفاه
القانون في خدمة الأمن المائي في تركيا
وصرّح الرئيس التركي بأن مشروع قانون المياه قيد الإعداد في البرلمان، وذلك للوصول إلى أهداف الأمن المائي في تركيا بشكل أسرع، ومنع النزاعات في إدارة المياه، من خلال اتخاذ كل الخطوات اللازمة في الوقت المناسب.
واختتم الرئيس التركي كلمته بالقول: “نهدف للتطلع إلى مستقبلنا بمزيد من الثقة، أعتقد أن حكومتنا ستقدم الدعم اللازم للجميع، من بلدياتنا إلى مختلف الأحزاب السياسية، وهذه الجهود من أجل السلام والرفاهية لجميع أفراد الوطن الـ 84 مليون نسمة”.
إعداد: فاضل محمد ماهر الحايك