• 29 مارس 2024

المعارضة التركية والرقص على أهات اللاجئين السوريين (مقال رأي)

منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 التي طالبت بالحرية والكرامة، اختلفت الأجندات الإقليمية والدولية تجاه التحركات الشعبية في سوريا، إلا أن الأنظار كانت مسلطة بالدرجة الأولى على الجار التركي الذي دعم تحركات الشعب السوري ووقف ضد قمع نظام الأسد له.

 

ولما كانت الرؤية الرسمية التركية المتمثلة في حكومة العدالة والتنمية مؤيدة بشكل كامل للثورة السورية حتى بعد أن دخلت مرحلة التسليح، لم تكن الرؤية الشعبية في الأوساط التركية متطابقة تجاه ما يحدث في سوريا، حيث عارض الكثير من الأوساط السياسية والشعبية في تركيا الوقوف بجانب الثورة السورية والمواطنين السوريين الذين لجأوا مضطرين إلى تركيا تحت وقع القصف والمذابح الجماعية التي قام بها النظام السوري ضد شعبه الأعزل.

 

لقد كان القرار الحكومي التركي إنسانيا ودينيا بالدرجة الأولى، مما دفع الأوساط الشعبية المؤيدة لحكومة العدالة والتنمية وأطياف واسعة من المجتمع التركي ومنظماته الإغاثية إلى المسارعة بدعم اللاجئين السوريين من منطلق الأخوة في الإسلام والجيرة الطيبة التي يتمتع بها الشعبان منذ عقود، إلا أن أطرافا سياسية وشعبية أخرى في تركيا كانت على النقيض من ذلك.

 

فمن تهمة الجبن وعدم تحمل المسؤولية الوطنية، بدأت حملات إعلامية هجومية تستهدف اللاجئين السوريين في البلاد وخصوصا من قبل التيار العلماني، حيث قاموا بتحميل اللاجئين السوريين مسؤولية ترك بلادهم وعدم الدفاع عنها ضد نظام وحشي لم يتوان في استخدام ترسانته العسكرية الكاملة ضد شعبه الأعزل ليقمع طموحاته المشروعة في الحرية والكرامة.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، فقد انتشرت الكثير من الشائعات في الشارع التركي تتحدث عن طبيعة الدعم المالي الحكومي التركي للاجئين السوريين في البلاد، في الوقت الذي يعيش فيه الكثير من أبناء الشعب في فقر مدقع طبقا لرواية هؤلاء، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يتهم المناوؤن للوجود السوري في تركيا الحكومة بمنح اللاجئين السوريين معاشات شهرية عن طريق بطاقة الهلال الأحمر التركي وحصول اللاجئين على بطاقات مجانية لاستخدام الهواتف الأرضية رغم أن كلتا البطاقتين يتم تمويلهما عن طريق برنامج دعم خاص من الاتحاد الأوروبي.

 

وبعد انكشاف كذب هاتين الدعوتين، لم يتوقف هؤلاء عن اختلاق شائعات جديدة مثل حصول السوريين على شقق سكنية مجانية ضمن البرنامج الحكومي للإسكان (توكي) بالإضافة إلى شائعات تصويت السوريين في الانتخابات التركية وتعيينهم في الوظائف الحكومية برتبة مأمور رغم أن كل هذه الامتيازات تستلزم وجود شرط الجنسية التركية للمتقدمين لها وهو ما لا ينطبق على اللاجئين السوريين وبالتالي استحالة حصولهم عليها، وأخيرا دخول الطلاب السوريين بعض الجامعات الحكومية التركية المرموقة بدون الولوج لامتحان اختبار القدرات (يوس) وقد نفت الجهات التعليمية الرسمية التركية هذه الشائعة أيضا وأكدت أن ما ينطبق على الطالب السوري ينطبق على غيره من الطلاب الأجانب الراغبين بالدراسة في تركيا.

 

لقد حاولت المعارضة التركية وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري والأجنحة الإعلامية المتحالفة معهم التحريض المستمر على اللاجئين السوريين ومن دعمهم من أبناء الشعب التركي حكومة وأفرادا أملا منهم في تأليب الرأي العام على حكومة العدالة والتنمية وسياساتها الداخلية والإقليمية، إلا أن كل تلك المحاولات لم تؤدي في النهاية إلى تغير قناعة السواد الأعظم من الأتراك تجاه سياسات الحزب بشكل عام ورئيسه رجب طيب أردوغان بشكل خاص، وهو ما يسعى أردوغان وحزبه إلى إثباته بقوة في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأحد القادم التي ستكون نقطة فارقة في تاريخ الجمهورية التركية بعد 95 عاما من تأسيسها.

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *