تعد الهجرة إلى تركيا حلم الكثير من الناس، ممن يطمحون إلى بدء حياة جديدة، أو هرباً من ظروف الحرب أو ضيق المعيشة في بلدانهم، وعلى الرغم من أن أغلب المهاجرين إلى تركيا يأتون من البلدان النامية وبلدان العالم الثالث؛ إلّا أن ظاهرة الهجرة إلى تركيا من الدول المتقدمة أيضاً بدأت بالانتشار.
ما هي الأسباب والدوافع التي تجعل من الشخص يختار الهجرة إلى تركيا دوناً عن سواها من البلدان؟
اقرأ ايضا: المعارض الصناعية في تركيا دليلك لعام 2021
في مقابلة أجراها تلفزيون TRT في القناة الناطقة باللغة الإنكليزية، مع أولئك الذين هاجروا إلى تركيا قادمين من الدول الغربية؛ شارك بعض الأشخاص من خلالها قصصهم وتجاربهم، وشرحوا فيها الأسباب التي جعلتهم يتخذون قرار ترك كل شيء وراءهم، ثم الهجرة إلى تركيا، وقد قام فريق مرحبا تركيا بترجمة المقابلات إلى اللغة العربية (يمكنك مشاهدة الفيديو هنا)، كما قام الفريق بإعداد التقرير التالي حول المقابلات التلفزيونية.
الهجرة إلى تركيا والرحيل من الغرب
في كل عام، يترك العديد من الناس عائلاتهم وأوطانهم وراءهم، مهاجرين إلى دول أوروبا وأمريكا على أمل الحصول على فرص أكبر، وبناء حياة أفضل، وتحسين ظروفهم المعيشية، وتأمين مستقبل أفضل لأطفالهم.
إلا أن الكثيرين من العرب الذين هاجروا إلى أوروبا وأمريكا أو ممن دخلوا إلى الإسلام من أبناء هذه البلدان؛ أصبحوا محبطين وخائبي الأمل، خاصة مع تغير الأوضاع الاقتصادية، وازدياد الضغوط والتحديات التي تواجههم بشكل يومي، بالإضافة إلى تعرضهم لمواقف إسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام)، وباتوا يبحثون عن الأمان، وعن فرص أفضل في دول أخرى، بما يرضي طموحاتهم ويحقق أحلامهم وأحلام أطفالهم.

البحث عن الأمان في تركيا
“آمنة علي” القادمة من بريطانيا وتقيم في إسطنبول وتقوم بتعليم الأطفال، عبّرت عن شعورها بالأمان في تركيا، حيث يمكن للأطفال والبالغين البقاء خارج منازلهم حتى أوقات متأخرة من الليل مثل الساعة 2 أو 3 بعد منتصف الليل؛ دون التعرض للخطر، على عكس ما يمكن أن يحصل في بريطانيا، حيث إن التأخر ليلاً لما بعد الساعة التاسعة قد يكون خطيراً.
كما عبّرت آمنة عن مدى شعورها بالسكينة والاطمئنان بمجرد سماع صوت الأذان على مدار اليوم، الأمر الذي لا يمكن الشعور به في بريطانيا مثلاً.

الهجرة إلى تركيا بحثاً عن فرص عمل أفضل
“بلال” المهاجر من ألمانيا عبّر عن سعادته لوجوده في تركيا، خاصة أن الثقافة التركية (بحسب رأيه) تمزج بين الثقافة المصرية التي ينتمي إليها، والثقافة الألمانية التي نشأ فيها.
كما عبّر عن ارتياحه لحصوله على وظيفة في شركة روبوتات تركية، ويقوم بتمثيل الشركة التركية أمام الشركات الألمانية، حيث يعمل كوسيط ومترجم بين الشركات في كلا البلدين.
التنوع الثقافي في تركيا بعيداً عن العنصرية
أما “محمد جاما” الهولندي ذو الأصول الأفريقية والقادم من بريطانيا، والذي يعمل في مجال الاستيراد والتصدير؛ فيقول إن التنوع الثقافي الموجود في إسطنبول يجعل من تجربة العيش فيها ممتعة، خاصة وأنه يتحدث بعدد من اللغات، مما يتيح له الاحتكاك مع عدد كبير من الأجانب المقيمين في تركيا إلى جانب الاحتكاك مع المواطنين الأتراك، حيث من السهل الاندماج ثقافياً في بيئة منفتحة اجتماعياً مثل تركيا.
اقرأ ايضا: بورصة اسطنبول تدعم ركائز الاقتصاد التركي
في المقابل فإن الحياة الاجتماعية في بريطانيا مختلفة، فالناس هناك مرتبطين بمحيطهم الضيق، ولا يتمتعون بالانفتاح الاجتماعي مع الغرباء، ولا يحبون التواجد وسط الزحام، كما لا يحبون الكلام.
وعن العنصرية والعنصريين؛ فيحكي محمد عن معاناته في أوروبا، حيث رفض أحد الأشخاص أن يجلسه بقربه فقط بسبب لون بشرته
الهجرة إلى تركيا هرباً من التمييز على أساس الدين
هاجر (هاني مصري) ذو الأصول الفلسطينية؛ إلى أمريكا منذ 20 عاماً وتزوج من شيلي الأمريكية التي اعتنقت الإسلام بعد أن أسلم أخوها الذي كان جندياً في الجيش الأمريكي في العراق.
ويحكي هاني أن التمييز الذي تعرض له من رئيسه في العمل بسبب عدم اتقانه للغة الإنكليزية حينها قد ترك ذكرى مؤلمة في داخله، خاصة وأن المدير قد طلب منه أن العودة إلى الصحراء من حيث جاء.
أما (شيلي زوجة هاني) فقد حكت متأثرة تعرضّها للتمييز ومواقف الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام) بسبب حجابها، حيث قام أحد الأشخاص ذات مرة بتقليد صوت القنبلة عند مروره بقربها (في كناية عن ارتباط الإسلام بالإرهاب في أذهان أغلب الأمريكيين)، كما حكت عن تعرضها للسؤال المتكرر: “من أين أنتِ”، فتجيب أما من أمريكا، ليأتيها السؤال مجدداً “من أين أنتِ بالأصل”، لتجيب مجدداً أنها أمريكية وولدت في أمريكا، كأن كل مسلم يجب أن يكون قد أتى من الخارج، ولا يوجد مسلمين من أصل أمريكي.
وشاركت ابنة آشلي وهاني، تجربتها الشخصية بتعرّضها للكثير من المواقف في مدرستها الثانوية بسبب حجابها، حيث كان يسألها بعض الطلاب إن كانت تغطي رأسها بسبب مرضها بالسرطان.
وأكدت عائلة المصري فقدانها لشعور الأمان أو الانتماء لوطنها الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أنهم يشعرون بانتماء أكثر في تركيا، حيث يمارسون الاسلام بأريحية، ويرغبون ببدء حياتهم الجديدة في تركيا، وتأسيس عملهم الخاص، وربما الحصول على الجنسية التركية.
تنوع أسباب الهجرة والهدف تركيا
نجد أن الأسباب التي دفعت المشاركين في المقابلات لاتخاذ قرار الهجرة إلى تركيا قد تنوعت بين أسباب اقتصادية أو ثقافية أو دينية، بالإضافة إلى الدوافع النفسية كالبحث على الأمان والانتماء.
اقرأ ايضا: الاقتصاد التركي في أسبوع اليوم السبت 19-06-2021
على أن العامل المشترك بين جميع القصص كان فقدان الراحة في بلاد الغرب (أوروبا وامريكا)، في حين شعورهم بالراحة في تركيا، وبذلك أصبح الكثير من المقيمين في دول الغرب؛ يفضّلون الهجرة إلى تركيا، وبدء حياة جديدة فيها، والانتماء إلى مكان يكون وطناً جديداً لهم مثل تركيا.
إعداد محتوى وترجمة فيديو: فاضل محمد ماهر الحايك