ألب أرسلان عضد الدولة، أبو شجاع محمد بن جغري بك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق التركماني ولد في 15 ديسمبر 1029م. وهو أحد أهم قادة المسلمين وكبار رجال التاريخ، وصاحب الانتصار الخالد على الروم في معركة ملاذكرد.عُرف بإسم (ألب أرسلان) ومعناها بالتركية (الأسد الباسل). كان رابع حكام الأتراك السلاجقة، لُقّب بسلطان العالم أو بالسلطان الكبير او الملك العادل. بلغت حدود حكمه من أقاصي بلاد ما وراء النهر إلى أقاصي بلاد الشام، ورغم عظم مملكته، إلا أنه كان تابعاً للخلافة العباسية في بغداد.
بعد وفاة طغرل بك المؤسس الحقيقي لدولة السلاجقة سنة 455 هـ/1063م تولى ألب أرسلان -ابن أخي طغرل بك- حكم السلاجقة، وكان قبل أن يتولى السلطنة يحكم خراسان وما وراء النهر، وكان يعاونه دوما وزيره أبو علي حسن بن علي بن إسحاق الطوسي، المشهور بـ نظام الملك. استطاع في عهده أن يفتح أجزاء كبيرة من آسيا الصغرى وأرمينيا وجورجيا.
بداية حكمه وفتوحاته
ورث ألب أرسلان دولة واسعة الأرجاء تمتد من سهول تركستان إلى ضفاف دجلة، والتي حكمها بمساعدة وزيره ‘نظام الملك’ الذي اشتهر بعلمه وحنكته السياسية.
لم يكد ألب أرسلان يستلم منصب السلطان حتى دبت خلافات طارئة داخل البيت السلجوقي، حيث ثار عليه بعض أقربائه منهم أخوه سليمان وعمه “قتلمش”؛ فاضطر ألب أرسلان إلى قتال الخارجين عليه لوأد الفتن، وقد انتصر عليهم.
بعد ذلك انشغل ألب أرسلان في القضاء على الفتن الداخلية التي قام بها بعض حكام الأقاليم؛ فقد خرج عليه حاكم إقليم ‘كرمان’ وغيره، وعانى من غارات القبائل التركمانية التي تعيش على السلب والنهب، أحبط ألب أرسلان محاولة من عمه بيجو للاستقلال بإقليم هراة وبعد سنوات نجح في المحافظة على دولته وتوسيعها.
عندما اطمَأَنَّ ألب أرسلان على استتباب الأمن في جميع الأقاليم والبلدان الخاضعة له، أخذ يُخَطِّط لتحقيق أهدافه البعيدة؛ وهي فتح البلاد المسيحية المجاورة لدولته، وإسقاط الخلافة الفاطمية في مصر، وتوحيد العالم الإسلامي تحت راية الخلافة العباسية ونفوذ السلاجقة، فأعدَّ جيشًا كبيرًا اتَّجه به نحو بلاد الأرمن وجورجيا، فافتتحها وضمَّها إلى مملكته، كما عَمِل على نشر الإسلام في تلك المناطق. وأغار ألب أرسلان على شمال الشام وحاصر الدولة المرداسية في حلب، وأجبر أميرها محمود بن صالح بن مرداس على إقامة الدعوة للخليفة العباسي بدلًا من الخليفة الفاطمي، ثم أرسل قائده التركي أتنسز بن أوق الخوارزمي في حملة إلى جنوب الشام، فانتزع الرملة وبيت المقدس من يد الفاطميين، ولم يستطعِ الاستيلاء على عسقلان التي كانت تُعتبر بوابة الدخول إلى مصر.
محاسنه
يذكر ابن الأثير في كتابه “الكامل في التاريخ” شيئًا من أخلاق السلطان ألب أرسلان، فيقول أنه كان عادلاً يسير في الناس سيرة حسنة، كريمًا، رحيم القلب، رفيقًا بالفقراء، بارًّا بأهله وأصحابه ومماليكه، كثير الدعاء بدوام النعم، وكان يكثر الصدقة، فيتصدق في كل رمضان بخمسة عشر ألف دينار، كان حريصًا على إقامة العدل في رعاياه وحفظ أموالهم وأعراضهم.
كتب إليه بعض السعاة في شأن وزيره نظام الملك فاستدعاه وأعطاه الرسالة ثم قال له : ( إن كان هذا صحيحاً، فهذب أخلاقك وأصلح أحوالك وإن كذبوا فاغفر لهم زلتهم). كما كان شديد الحرص على حفظ مال الرعية فلقد بلغه يوما أن أحد مماليكه قد أخذ إزاراً لأحد الناس ظلماً، فأمر بصلبه فارتدع باقي المماليك عن الظلم. وقيل أنه كان كثيرًا ما تُقرأ عليه تواريخ الملوك وآدابهم، وأحكام الشريعة الإسلامية، ولمَّا اشتهر بين الملوك حُسن سيرته، ومحافظته على عهوده، أذعنوا له بالطاعة، وحضروا عنده من أقاصي ما وراء النهر إلى أقاصي الشام.
شجع “ألب أرسلان” الآداب والعلوم في زمانه وقد ظهرت في عهده شخصيات شهيرة مثل الشاعر والفلكي عمر الخيام . كما أنشأ المجامع العلمية في بغداد وأشهرها المدرسة النظامية التي تخرج منها عماد الدين الأصفهاني و بهاء الدين شداد اللذان خدما السلطان صلاح الدين الأيوبي، والسعدي الشاعر الفارسي مؤلف بستان السعدي ، كما درس بها شيخ الشافعية أبو إسحاق الشيرازي وعبد الله بن تومرت مؤسس دولة الموحدين وأبو حامد الغزالي رائد عصر الإصلاح الديني الذي مهد لجيل صلاح الدين الأيوبي . وكان الوزير نظام الملك من أكثر الشخصيات تأثيراً أيام السلطان ألب أرسلان . ويذكر المؤرخون أنه قد صاحب السلطان في معظم حروبه وفتوحاته، وقد ألف نظام الملك كتاباً في فنون الحكم يعرف باسم ( سياست نامه / سير الملوك ) تحدث فيه عن تنظيم الحكم وعن ضرورة قيام العدل، وتنظيم أمور الدولة والاستقطاع، وتنظيم الإدارة والجيش، وتاريخ العلاقة بين السلطة المركزية في عصر السلاجقة.
قُتل “ألب أرسلان” في 10 ربيع الأول في 29 نوفمبر 1072 الموافق للعاشر من ربيع الأول عام 465هـ على يد أحد الثائرين واسمه يوسف الخوارزمي، ودفن في مدينة مرو بجوار قبر أبيه فخلفه ابنه ملكشاه.
(خاص – مرحبا تركيا)
اقرأ أيضاً
15 ألف مسلم هزموا 200 ألف بيزنطي.. معركة “ملاذكرد” مفتاح دخول الأتراك للأناضول