تتعاطى تركيا مع البطالة كآفة لا بد من استمرار مكافحتها، بعد انخفاض معدل التشغيل وارتفاع نسبة العاطلين لدى الشباب والنساء، سواء عبر فرص عمل لدى الاستثمارات الخاصة المحلية والخارجية أو بتدخل مؤسسة العمل التركية الحكومية، في مسعى منها لمواجهة الضغوط المعيشية المتزايدة على المواطنين، بعد ارتفاع معدلات التضخم وتراجع الليرة.
وقال وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي، ودات إيشيكهان، اليوم الثلاثاء، إن مؤسسة العمل التركية” İŞKUR ” نجحت في توظيف 614,586 شخصًا خلال الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني حتى مايو/أيار الماضي.
وأشار الوزير التركي إلى أن مؤسسة العمل التركية كثّفت جهودها لدعم الباحثين عن العمل، من خلال إجراء أكثر من 1.3 مليون مقابلة فردية مع طالبي العمل. وتنفيذ 374,996 زيارة ميدانية لأماكن العمل في مختلف أنحاء تركيا لتحديد 986,856 فرصة عمل شاغرة مطلوبة من قبل أصحاب الأعمال.
وأكد إيشيكهان، عبر حساباته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، أن İŞKUR تلعب دورًا محوريًّا في تقليل معدلات البطالة ودعم سوق العمل التركي من خلال التوفيق بين الباحثين عن عمل واحتياجات أصحاب العمل.
وكان عدد العاطلين عن العمل في تركيا، قد ارتفع خلال شهر إبريل/نيسان 2025 بمقدار 203 آلاف شخص مقارنة بالشهر السابق، ليصل الإجمالي إلى 3 ملايين و63 ألف شخص، بحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية (TÜİK). كما انخفض عدد المشتغلين بمقدار 316 ألف شخص، ليسجل 32 مليونًا و359 ألفًا.
ووفق نتائج مسح القوى العاملة للأسر، بلغ معدل البطالة في عموم البلاد 8.6%، بزيادة قدرها 0.6 نقطة مئوية عن مارس/آذار. وسُجل المعدل لدى الذكور بنسبة 7.1%، بينما بلغ بين النساء 11.5% كما انخفض معدل التشغيل إلى 48.8% بعد فقدان 316 ألف فرصة عمل، وبلغت النسبة لدى الذكور 65.8%، مقابل 32.2% لدى الإناث.
وسجل معدل العمالة الناقصة والبطالة الكامنة ارتفاعًا كبيرًا خلال شهر إبريل ليزيد 3.4 نقاط مئوية ويصل إلى 32.2%. وتشمل هذه الفئة العاطلين، والعاملين بدوام جزئي لأسباب تتعلق بالوقت، إضافة إلى الباحثين المحتملين عن العمل. وبحسب آخر إحصاء رسمي تركي، ارتفع معدل البطالة المعدل بالموسم في تركيا إلى 8.6% في إبريل 2025، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، متسارعًا من 8% المعدل بالزيادة في الشهر السابق.
لكنه وبالمقارنة مع الربع الأول من العام الماضي، فقد شهد معدل البطالة في تركيا انخفاضاً بمقدار 0.4 نقطة مئوية، وسجل عدد العاطلين عن العمل 2 مليون و884 ألف شخص.
تراجع الليرة يضغط على الأوضاع المعيشية في تركيا
في السياق، تراجع سعر صرف الليرة التركية، اليوم الثلاثاء، بعد عطلة العيد لتسجل 39.230 مقابل الدولار و44.853 ليرة مقابل العملة الأوروبية الموحدة، متراجعة عن سعر ما قبل عيد الأضحى إذ لم يصل سعر الدولار إلى 39 ليرة.
ويعزو الاقتصادي التركي، خليل أوزون السبب لعدم الانتعاش السياحي المتوقع خلال عطلة العيد، وزيادة الطلب على العملات الأجنبية والذهب، كاشفاً لـ”العربي الجديد” تراجع عدد السياح، حتى بأكثر الولايات طلبًا خلال الأعياد السابقة.
وأضاف أوزون أن جمود قطاع العقارات إلى جانب تراجع عدد السياح، خلال الثلث الأول من العام الجاري، لهما دور بتذبذب وتراجع الليرة التي هوت متأثرة باعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى إلى أكثر من 40 ليرة مقابل الدولار، قبل أن تتحسن قليلًا بعد رفع البنك المركزي التركي، الشهر الماضي، سعر الفائدة بمقدار 350 نقطة أساس إلى 46%، منهيًا سياسة التيسير النقدي التي بدأها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتؤثر الليرة المنخفضة بمعيشة الأتراك الذين لا يزيد الحد الأدنى لأجورهم عن 22104 ليرات، رغم الرفع بنسبة 30% مطلع العام الجاري. إذ سجّلت تكلفة المعيشة في مدينة إسطنبول ارتفاعًا كبيرًا بلغ 49.09% خلال عام واحد.
وبحسب تقرير صادر عن وكالة تخطيط إسطنبول (İPA) حول مؤشرات شهر مايو/أيار 2025، فقد بلغ متوسط تكلفة المعيشة لأسرة مكونة من أربعة أفراد 91722 ليرة تركية خلال شهر مايو، مسجلًا زيادة قدرها 1690 ليرة مقارنة بشهر إبريل الماضي، حيث بلغت التكلفة آنذاك 90032 ليرة.
كما تشير البيانات الرسمية إلى أن تكلفة المعيشة ارتفعت بنسبة 1.88% على أساس شهري، ما يعكس استمرار الضغوط التضخمية التي تؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للأسر في أكبر الولايات التركية وأكثرها اكتظاظاً وإنتاجاً، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات، والمواد الغذائية، والخدمات الأساسية.
وكشف اتحاد الصناعات التركية الشهر الماضي، عن ارتفاع الإنفاق الشهري المطلوب لتأمين غذاء صحي لأسرة مكونة من أربعة أفراد (عتبة الجوع) إلى 23615 ليرة تركية، بينما بلغ إجمالي النفقات الضرورية لتلبية الاحتياجات الأساسية (خط الفقر) 76922 ليرة تركية.
ما أشار التقرير إلى أن تكلفة المعيشة الشهرية للعامل الواحد ارتفعت إلى 30617 ليرة تركية، وهو ما يفوق بكثير الحد الأدنى للأجور الصافي البالغ 22104 ليرات تركية، ما يجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة للعمال وأسرهم. ويعتبر التضخم من أكبر التحديات أمام الحكومة التركية التي أعلنت الحرب عليه، خلال مشروعها الاقتصادي، لتخفيض النسبة إلى أقل من 10% خلال العامين المقبلين.
وأعلن معهد الإحصاء التركي (TÜİK) الثلاثاء الماضي، أن معدل التضخم السنوي في تركيا انخفض في مايو/أيار 2025 إلى 35.41% مقارنة بـ37.86% في إبريل/نيسان، وهو الأدنى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وعلى أساس شهري، ارتفع التضخم الشهري بنسبة 1.53% فقط في مايو، مقارنة بـ3.18% في إبريل، ما يمثل تراجعًا واضحًا في وتيرة الزيادات الشهرية.
المصدر: العربي الجديد
اقرأ أيضا: الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على سفينة مادلين يثبت أنها دولة إرهاب
اقرأ أيضا: تركيا تملأ فراغ التسليح في أوروبا