لم يطل صبر تركيا على تمنّع شركة سيمنز الألمانية توريد مستلزمات المرحلة الثانية من مشروع مفاعل آق قويو النووي لتوليد الكهرباء، لتبحث عن بدائل التوربينات الألمانية من شركة صينية، وتعد بإطلاق المرحلة الثانية من المحطة التركية التي تنفذه شركة “روساتوم” بأربع مفاعلات، تبلغ طاقة كل واحد منها 1200 ميغاواط. وبدأت أعمال البناء في إبريل/نيسان عام 2018، بتكلفة إجمالية تصل نحو 20 مليار دولار، ومن شأنه أن يسهم في تعزيز أمن الطاقة في تركيا وخلق فرص عمل جديدة.
وأعلن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أنه تم التخلي عن معدات شركة سيمنز في مشروع محطة “آق قويو” النووية لتوليد الطاقة جنوبي البلاد، واستبدالها بمعدات صينية بعد تأخير من الشركة الألمانية، مشيراً، خلال تصريحات نقلتها صحيفة ميلييت اليوم الأحد، أن شركة “روساتوم” الروسية التي تنفذ المشروع، استغنت عن معدات سيمنز بمشروع محطة “آق قويو” النووية، واستبدلتها بمعدات صينية بعد تأخير من الشركة الألمانية.
وأضاف الوزير التركي أن “المستشار الألماني، أولاف شولتز، أبلغ خلال زيارته الأخيرة لإسطنبول الرئيس رجب طيب أردوغان أن شركة “سيمنس” ستورد المعدات إلى تركيا، وبعد ذلك خاطبت الشركة “روساتوم”، لكن الجانب الروسي قال: “لقد فات الأوان، وقد أتت اللحظة الحاسمة، لقد تحولنا إلى المعدات الصينية”.
وأضاف الوزير التركي أن 99% من المعدات الألمانية التي كان يتوجب توريدها إلى مشروع محطة “آق قويو” لن تستخدم بسبب التأخير من شركة سيمنز.
وفي وقت سابق، صرح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بأنه جرى توريد معدات إلى المحطة النووية في تركيا “من دول صديقة لروسيا بعد انتهاك سيمنز التزاماتها التعاقدية”. وتأخّر تدشين المرحلة الثانية من المفاعل النووي الأول بتركيا “آق قويو” بسبب عدم تسليم شركة “سيمنز” أجزاء للمحطة، بحسب ما كشف سابقاً وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار.
وبيّن أرسلان بيرقدار أن بناء المفاعل الأول اكتمل بنسبة تزيد عن 90%، وأن صعوبات خارجية تواجه المشروع تتمثل بتأخير شركة سيمنز الألمانية تسليم أجزاء لازمة للمحطة، وهي محفوظة في مستودعاتها، و”عدم تسليم المعدات اللازمة يؤدي إلى إبطاء اكتمال المشروع لبضعة أشهر”، مبيناً أن “هناك موقفاً سياسياً في القضية التي ليس لها سند قانوني، ولا تخضع لأي عقوبات دولية، ولا يمكن للشركة الألمانية تقديم أي تفسير حول عدم تسليمها الأجزاء المطلوبة، وبالتالي يجب أن تدفع الثمن”.
وسبق للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن أبدى تخوفاً من عدم تسليم الشركة الألمانية توربينات كان من المفترض أن تصل لمحطة “آق قويو” وبقيت في مستودعات الشركة، مضيفاً خلال افتتاح المرحلة الأولى للمحطة النووية في إبريل/نيسان العام الماضي، أو ما أسمته تركيا “حفل تزويد محطة آق قويو بأول وقود نووي”، أن المحطة اكتسبت هويتها بوصفها منشأة نووية، ولقد دخلت تركيا نادي دول الطاقة النووية بالعالم. وأضاف الرئيس التركي أن جميع وحدات “آق قويو” ستدخل الخدمة تباعاً حتى عام 2028، وستوفر المحطة 10% من احتياجات تركيا من الكهرباء، وتساهم بخفض واردات تركيا من الغاز الطبيعي بقيمة 1.5 مليار دولار سنوياً، وستؤثر إيجابياً على زيادة دخلها القومي.
التوربينات الصينية تسد النقص الألماني
من جانبه، لا يرى الباحث التركي باكير أتاجان اختلافاً بالمواصفات بين التوربينات الألمانية والصينية، لأن القطع مطلوبة وفق المواصفة التي حددتها شركة “روساتوم” الروسية، وهي، بشكل أو بآخر، معنية بالمواصفة وفترة التنفيذ، لذا بادرت بالتواصل وتأمين البدائل عبر الشركة الصينية، رغم أن هناك بدائل من دول أخرى مثل كوريا الجنوبية.
ولا يستبعد الباحث التركي، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، عمدية إعاقة المحطة النووية بتركيا من أطراف أوروبية عدة، والأسباب تتعلق بتطور تركيا واستغنائها عن الطاقة الأحفورية، وبالتالي توفير عشرات مليارات الدولارات تستورد خلالها تركيا نفطاً وغازاً من الخارج بنحو 55 مليار دولار، كما أن روسيا من تنفذ المحطة وتَعِد بمحطة ثانية قد يكون سبباً إضافياً لمحاولات إعاقة المشروعات بتركيا.
وحول مقاضاة بلاده الشركة الألمانية بسبب التأخير وعدم الالتزام بعقد توريد التوربينات، يعتقد الباحث التركي أن ذلك متروكٌ للحكومة وعدم تأثر الدخول بدعاوى قضائية بإشكالات مع الشركة التي تستثمر بطبيعة الحال في تركيا بأكثر من مليار دولار في مشروعات الطاقة، ولديها تعاملات أخرى مع الجانب التركي.
وتأخر إنتاج المحطة رغم التدشين في إبريل/نيسان العام الماضي وجلب أول وقود نووي، كما تأخر افتتاح المشروع الذي رسا عقده على روسيا “شركة روساتوم” عام 2010 ووضع حجر الأساس له في 3 إبريل/نيسان عام 2018، نتيجة “تداعيات سياسية ونقص التمويل”، بحسب مصادر خاصة لـ”العربي الجديد”، قبل أن “تسوّى جميع الأمور” ويعلن بنك سبيربنك، أكبر بنوك روسيا، العام الماضي، أنه سيقدم قرضاً بقيمة 400 مليون دولار لبناء محطة آق قويو للكهرباء النووية في ولاية مرسين بتركيا.
وتتطلع تركيا لإضافة محطة أخرى في سينوب على البحر الأسود بشراكة تركية مع الصين وكوريا إلى محطة “آق قويو” النووية بمرسين، بهدف تقليص استيراد تركيا من الطاقة، كما تتطلع تركيا لاستمرار التعاون في المجال نفسه مع روسيا بمحطة ثالثة في منطقة مرمرة، تشمل تغذية ولايات إسطنبول وإزميت وبورصة، بحسب تصريحات سابقة للرئيس التركي.
المصدر: العربي الجديد
اقرأ أيضا: في 2025.. تركيا تدشن مركزاً لتجارة الغاز بإسطنبول
اقرأ أيضا: أس تي أم التركية تعرض صناعاتها البحرية بمعرض يورو نافال بفرنسا