اتخذت تركيا موقفا صارما آخذة على عاتقها نشر الرواية الفلسطينية وفضح الأكاذيب الإسرائيلية، في ظل تواصل أعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين بدعم أمريكي وغربي، ووسط انهيار كبير في منظومة الأخلاق الغربية التي ترى الفلسطينيين بمستوى أدنى من المواطنين الإسرائيليين والغربيين
أوضح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمته في قمة منظمة الدول التركية التي عُقدت مؤخراً بالعاصمة الكازاخستانية، أن لا شيء يبرر هذه الوحشية في غزة، وأضاف قائلاً: “التحرك الموحد للعالم التركي سيسهل الطريق لوقف إطلاق النار أولاً في غزة، وتحقيق السلام الدائم لاحقاً في الشرق الأوسط”. لافتاً إلى أن جهود بلاده متواصلة لتمهيد الطريق من أجل عقد مؤتمر سلام دولي في هذا الإطار.
كما أوفد أردوغان وزير خارجية بلاده، هاكان فيدان، على الفور إلى القاهرة وبيروت وعواصم عربية وإقليمية أخرى من أجل العمل على خفض التصعيد تمهيداً لوقف إطلاق النار.
تركيا.. حراك دبلوماسي نشط
أدان الرئيس أردوغان بالمجازر الإسرائيلية العديدة وما رافقها من ردود فعل غربية باهتة منذ أن شنت إسرائيل الحرب على غزة، وعلى الفور بدأ وزير الخارجية التركي حراكاً دبلوماسياً نشطاً لاحتواء التصعيد العسكري الإسرائيلي والحد من مخاطر تحوله إلى مواجهة إقليمية.
وقال فيدان، في المؤتمر الصحفي الذي عقده في شهر تشرين الثاني/أكتوبر العام الماضي ببيروت: “القوى المهيمنة بقوة إعلامها أنست العالم منذ فترة طويلة طبيعة المشكلة بين إسرائيل وفلسطين، “وحان وقت وضع حد لذلك”.
وأردف: “حان الوقت للمجتمع الدولي أن يتخذ خطوات جادة نحو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس”. وأشار فيدان إلى أن “الجهود ستستمر دون انقطاع لإنهاء المأساة الإنسانية المستمرة في غزة”، وفقاً لما نقلته الأناضول.
وهو الأمر الذي عاد فيدان وأكده خلال لقائه بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في العاصمة أنقرة، عندما جاء الأخير إلى تركيا لبحث مسألة الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
وقطع الرئيس أردوغان كل الاتصالات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واستدعى سفير أنقرة لدى إسرائيل، رداً على رفض إسرائيل وقف إطلاق النار ووقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الفلسطينيين.
وتلعب تركيا دوراً فعالاً على المستوى الدولي بالإضافة إلى التفاعل الإقليمي، لجذب الدعم العالمي لوقف الحرب في غزة. واستخدم الرئيس أردوغان منصات متعددة مخاطباً المجتمع الدولي وجذب انتباهه إلى العواقب الإنسانية للنزاع.
ومنتقداً ازدواجية المعايير الغربية، قال الرئيس التركي في تشرين الثاني/أكتوبر الماضي: “من كانوا يذرفون دموع التماسيح على المدنيين الذين يُقتلون في الحرب بين أوكرانيا وروسيا، يشهدون اليوم بصمت على مقتل آلاف الأطفال الأبرياء”.
قلب واحد من أجل فلسطين
عُقد اجتماع “قلب واحد من أجل فلسطين” الذي استضافته السيدة الأولى أمينة أردوغان في إسطنبول، والذي كان له دور فعال في رفع صوت دولي قوي للغاية ضد المذبحة في غزة، الأمر الذي يظهر أن الحراك الدبلوماسي في تركيا لم يقتصر على الرئيس التركي وأفراد حكومته.
ولفتت زوجات رؤساء الدول والحكومات من عديد من البلدان في الاجتماع الذي عُقد في إسطنبول، الانتباه إلى انتهاكات القانون الدولي في غزة، ودعوا المجتمع الدولي إلى إحلال السلام، وشددوا على ضرورة التوصل إلى حل دائم.
وأكد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، على أن لقاء “قلب واحد من أجل فلسطين” ساهم في رفع الأصوات على المستوى الدولي.
وقال: “الاجتماع الذي استضافته السيدة الأولى ساعد في رفع صوت قوي للغاية دولياً ضد المذبحة في غزة، هذا الصوت هو صوت الضمير المشترك للإنسانية”.
كما يلعب مركز مكافحة التضليل التابع لدائرة الاتصال بالرئاسة التركية، دوراً كبيراً في تفنيد الأكاذيب الإسرائيلية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة حتى الآن.
وعلى سبيل المثال، دحض المركز الادعاءات الإسرائيلية بشأن قطع المقاومة الفلسطينية رؤوس أربعين طفلاً إسرائيلياً، كما دحض الرواية الإسرائيلية بشأن قصف المستشفى المعمداني، وأثبت أن طائرات الجيش الإسرائيلي هي المسؤولة عن القصف.
جهود تركية متواصلة

باشرت تركيا بقوة وسرعة أنشطتها الإغاثية تجاه غزة، إذ دشنت وزارة الدفاع التركية جسراً جوياً لنقل المساعدات الإنسانية إلى مصر من أجل إيصالها إلى سكان قطاع غزة الفلسطيني المحاصر.
كما أرسلت تركيا سفينة كبيرة تحمل 50 حاوية مملوءة بمستشفيات ميدانية وإمدادات طبية ومساعدات أخرى إلى مصر استعداداً لنقلها إلى غزة.
وأشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في المؤتمر الذي عقده مع نظيره البوسني بالعاصمة أنقرة في نوفمبر الماضي، إلى استمرار بلاده بإرسال مساعدات إنسانية بوتيرة عالية إلى قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ 41 يوماً.
وشدد الوزير على استمرار بذل المساعي لنقل كل المرضى من مستشفيات غزة، وعلى رأسها مستشفى الصداقة التركية-الفلسطينية. ولفت إلى نقل 27 مريضاً من غزة مع 13 مرافقاً لهم إلى العاصمة أنقرة، مضيفاً أن بلاده تواصل مساعيها من أجل إنشاء مستشفى ميداني في غزة.
وفي تصريحات للصحفيين في العاصمة أنقرة عقب وصول طائرتَين تقلان عدداً من مرضى السرطان ومرافقيهم بعد إخراجهم من غزة إلى مصر، أكد وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، أن بلاده عازمة على مواصلة جهودها من أجل نقل المرضى من قطاع غزة إلى أراضيها للعلاج.
اقرأ أيضا: إقبال على معرض أحلام مضادة للرصاص في إسطنبول
اقرأ أيضا: انطلاق سفينة تركية تحمل ألفين و334 طناً من المساعدات لفلسطين