وإلى جانب الشأن الاقتصادي تناول الاجتماع قضايا دولية وإقليمية، تشمل الوضع في غزة وأوكرانيا وسوريا وليبيا والقوقاز الجنوبي، وأكد فيدان استعداد تركيا لدعم جهود السلام في تلك المناطق.
وتسعى أنقرة للاستفادة من الفرص المختلفة لتعزيز تعاونها مع الشركاء الدوليين وتحقيق استقرار اقتصادي أكبر، إذ عززت أنقرة موقعها في دول مجموعة العشرين، محققة عدة أهداف اقتصادية وتجارية.
وحسبما أعلنته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، حققت أنقرة أعلى نمو اقتصادي بين دول مجموعة العشرين في الربع الأول من 2024، بنسبة 2.4%.
من جهة أخرى وفي حديث سابق لوكالة لأناضول، قال وزير التجارة البريطاني الأسبق والاقتصادي جيم أونيل، إن تركيا تمتلك اقتصاداً يتيح لها أن تكون جزءاً من مجموعة بريكس الآخذة في التوسع.
لماذا تهتم تركيا بمنظمة بريكس؟
مجموعة بريكس هي تكتل اقتصادي عالمي بدأت فكرة تأسيسه في سبتمبر/أيلول 2006، حينما عُقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ويبلغ عدد سكان دول مجموعة بريكس الاقتصادية 3.5 مليار نسمة، وهو ما يمثل شريحة كبيرة من الأسواق الناشئة الأكثر نمواً، إذ يضم التكتل 5 دول تعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وذلك قبل أن تنضم أيضاً مصر وأثيوبيا وإيران والإمارات إلى المنظمة مطلع 2024.
وتأتي رغبة تركيا في الانضمام إلى بريكس جزءاً من استراتيجيتها للانفتاح على كل المكونات الدولية والتكتلات الاقتصادية، إذ يمكنها أن توسع التعاون الاقتصادي والسياسي، الذي يوفر فرصاً جديدة للتجارة والاستثمار، وكذلك يعزز موقف تركيا الدولي.
وفي هذا الصدد يرى الأكاديمي التركي والأستاذ في علم الاقتصاد، د. بلال باغيش، أن اهتمام تركيا بمنظمة بريكس ليس بديلاً عن منظمات اقتصادية أخرى بل نافذة جديدة للفرص.
ويوضح باغيش في حديثه مع TRT عربي، أن تركيا التي يقدر حجم اقتصادها بـ1.2 تريليون دولار، ويبلغ عدد سكانها نحو 90 مليون نسمة، ولديها موقع استراتيجي بين آسيا وأوروبا وأفريقيا ورأس مالها البشري عالٍ، تملك قطاع صناعات تحويلية وقطاع دفاع قوي، وبنية تحتية جاهزة، يجعلها قادرة على المساهمة بشكل كبير في الرفاه العالمي.
ويقول الأستاذ المشارك في جامعة فاتح سلطان محمد التركية، أن BRICS التي تتكون من الاقتصادات الناشئة “تنمو بسرعة ويتوقع أن تهيمن على الاقتصاد العالمي في العقود القادمة”، وستستفيد بشكل كبير من اقتصاد تركيا الشاب والديناميكي الذي يقع عند تقاطع مسارات التجارة الحيوية ولديه علاقات قوية أيضاً مع الكتلة الغربية.
ويتابع باغيش أنه “من جهة، تعمل BRICS على زيادة التعاون الإقليمي، ومن جهة أخرى، تهدف إلى تغيير النظام العالمي أحادي القطب الذي يهيمن عليه الغرب، ما يجعلها منصة جديدة لحلول عالمية للنمو الاقتصادي والتجاري”.
وفي هذا السياق يوضح الاقتصادي التركي، أن أنقرة يمكنها المساهمة بشكل جدي في بحث BRICS عن نظام اقتصادي ومالي وسياسي جديد متعدد الأقطاب وغير مركز على الغرب، وبالمقابل، يمكن أن تساعد BRICS تركيا في تعزيز دورها العالمي وزيادة قوتها التفاوضية في بحثها عن توازنات جديدة.
اقتصاد تركي قوي ومنظمة اقتصادية واعدة
أيضاً يعتقد الباحث الاقتصادي، أن لمثل هذه المنظمات الاقتصادية الشابة أن توفر مزايا كبيرة في إنشاء أنظمة دفع رقمية جديدة بديلة عن العملات الاحتياطية العالمية.
وعلى صعيد آخر، يلفت باغيش إلى أن تركيا لم تتخذ خطوات رسمية في اتجاه الانضمام لـBRICS بعد، “ولكنني أعتقد أن احتمالية التقدم في هذا الاتجاه عالية”.
ويستطرد أستاذ الاقتصاد: “ومع ذلك، لا يمكن اعتبار بريكس بديلاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أو غيرها من المبادرات الدولية المماثلة، فتركيا لن تهمل علاقاتها القوية مع الكتلة الغربية”.
ويضيف الاقتصادي التركي: “ولكن من غير الحكمة الابتعاد عن مبادرة دولية مثل BRICS، تضم 46% من سكان العالم، و29% من الاقتصاد العالمي، وربع التجارة العالمية، و43% من إمدادات بعض السلع الحيوية مثل النفط بعد انضمام الأعضاء الجدد، ومن المتوقع أن تشكل نصف الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050”.
وفي نهاية حديثه يتساءل باغيش: “علاوة على ذلك، ترغب تركيا في المساهمة بنشاط في زيادة الرفاه العالمي وعمليات السلام، وهذا واضح في السياسة الخارجية النشطة في أوكرانيا وغزة واستراتيجية العودة إلى آسيا، ومشروع طريق التنمية، وعملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمة التجارة العالمية، وأدوارها النشطة في عديد من المنظمات الدولية في القوقاز والبلقان والقرن الأفريقي وحتى في مجلس التعاون التركي (TDT) فلماذا يجب أن تبتعد تركيا عن BRICS؟”
اقرأ أيضا: تركيا.. رسائل العيد تعكس توترا بين الحكومة والمعارضة
اقرأ أيضا: الصين تحث أتركيا على إلغاء التعريفات التمييزية على السيارات الصينية