لا يخفى على أحد أن تركيا أصبحت قبلة للعرب في السنوات الخمس الأخيرة، فبعيداً عن شهرتها في مجال السياحة، باتت بلداً يقصده الكثير منهم باختلاف جنسياتهم وأسباب تركهم لأوطانهم.
وهنا يبادر لأذهاننا سؤالين.. ماذا قدمت إليهم وهل ستسهم تركيا في تصدير شرق أوسط جديد؟
– لماذا تركيا ؟
لاشك أن تركيا تمتلك من المقومات الجذابة لكل راغبٍ في القدوم إليها، فبعيداً عن مجال السياحة والاستجمام الذي تُعرف به تركيا -لما تملكه من طبيعة ساحرة ومتنوعة إضافة إلى بنيتها التحتية الممتازة والثقافة العريقة خصوصاً أنها تجمع ما بين الشرق والغرب وتعتبر من أقرب الثقافات للمجتمع العربي-؛ تأتي تركيا لتقدم فرص في المجال التعليمي للأجانب عبر مِنَحِها لتؤمن لهم عبرها السكن ومصاريف الإقامة والتأمين الصحي.
وبحسب هيئة التعليم العالي فقد ارتفعت نسبة الطلاب العرب بشكل قياسي، حيث كان عدد الطلاب الأجانب الموجودين في تركيا عام 2011، 30 ألف طالب ليتضاعف ويتعدا الـ 72 ألف بحلول عام 2015.
على الصعيد السياسي ،كانت تركيا حاضنة وملجأ لكثير من العرب خصوصاً في الفترة الأخيرة لما تشهده المنطقة العربية من صراعات وأزمات.
حيث استقبلت تركيا أكثر من ثلاث ملايين لاجئ سوري، وفتحت الباب أمام المعارضين لأنظمة الحكم من الجنسيات المصرية واليمنية والعراقية وغيرها للإقامة فيها، كما أعلنت الحكومة عن بدء منح تأشيرات إلكترونية للفلسطنيين بدءاً من شهر أكتوبر الفائت.
أما على الصعيد الاقتصادي،فلا شك أن تركيا تمتلك اقتصاداً قوياً يجذب كل رائد أعمال ليستثمر فيها سيما وأنها احتلت المرتبة الثالثة عشر عالمياً والخامسة أوروبياً بحسب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، كما تسعى للوصول للمرتبة العاشرة عالمياً والثالثة أوروبياً بحلول عام 2023 وذلك تبعاً لتصريحات وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي.
– إنجازات بنكهة عربية
عن الانجازات العربية في المجتمع التركي فسنجد أنه كان هناك انعكاسات واضحة لما قدمته تركيا لهم.
حيث نرى جلياً على الصعيد السياسي ظهور الكثير من المبادرات مثل “المؤتمر الشعبي لفلسطنيي الخارج”، كما من المعروف أيضاً أن مركز “الحكومة المؤقتة السورية” الحالي موجود في تركيا.
فضلاً عن الوقفات التضامنية وإحياء ذكرى الثورات الشعبية التي يشارك فيها الأتراك مثل وقفة التضامن مع رابعة وغيرها.
https://youtu.be/Hl7DV9veHVs
وبالعودة إلى المجال التعليمي فنرى أن الكثير من الطلبة العرب قد حققوا إنجازات كبيرة على مستوى جامعاتهم مثل الطالبة “رزان أبو صالح” حيث نالت المرتبة الأولى بين طلاب الأفرع الطبية والصحية في اختصاص العلاج الفيزيائي في جامعة “تشوكوروفا” التركية، ويضاف اسمها للعديد من أقرانها مثل “حسين النجار” و”محمد عمار الشعار” الذين كانو الأوائل على دفعاتهم في جامعتي كلّس واسطنبول، كما نال السوري “محمد طالب زمزم” مرتبة الشرف في جامعة يلدز التقنية.
وعلى الصعيد الاقتصادي افتتح العرب في البداية مشاريع صغيرة كالمطاعم ومكاتب الخدمات لكن سرعان ما تحولت إلى مشاريع كبرى.
وأكد أرضا أرموط رئيس وكالة دعم وتشجيع الاستثمار التابعة لرئاسة الوزراء التركية ، أن الاستثمارات العربية في تركيا شهدت زيادة ملحوظة خلال العامين الفائتين حيث أنها صعدت خلال الأعوام الأخيرة من 8 بالمئة إلى 16 بالمئة ، وذلك بالتوازي مع تراجع الإستثمارات الغربية.
– أبيض وأسود
طالما أننا نتحدث عن وجود العرب في تركيا، كان لابد من جمع وجهات نظر تركية عن إقامة هؤلاء الضيوف على أراضيها.
وفي مقابلة مع إحدى الطلاب تقول صدى (22 عام) : ” لا فرق بيننا كثيراً وبينهم إلا باللغة ، وأرى أن هنالك الكثير من الارتباطات بين العرب والأتراك تاريخياً وثقافياً ودينياً كما أننا جيران منذ ألف سنة وهذه العلاقات أعمق من ذالك تقريباً ”
وفي رصد لآراء أكثر، في مقابلة مع السيد “أرسين إشجي أوغلو” مدير وقف غازي الذي يقدم منح للطلاب العرب، أجاب على السؤال حول استهدافهم للشريحة العربية: بأنه يرى أننا يجب أن نحقق الدمج بين الثقافتين العربية والتركية وأنه غير متخوف من فكرة أن العرب باتو كثرة هنا،على العكس هي فرصة للتعرف على بعضنا أكثر والتعلم من خبراتنا خصوصاً أن الأتراك يحبون اللغة العربية كثيراً.
– هل الشرق الأوسط سينبض بالحياة من جديد؟
بعد الإجابة على السؤال الأول حول ماذا قدمت تركيا للعرب،كان لابد من الإجابة على السؤال الثاني.
قد لا تكفي الإنجازات التي ذُكرت بأن تكون دليلاً على أننا ننهض مجدداً لكن المؤكد أنها تبعث الأمل في النفوس، فكل ما اكتسبناه لابد أن ينعكس في جميع الأصعدة خصوصاً أننا نمتلك خامات تؤهلنا لنكون الأوائل وأصحاب الريادة بعد ما تعلمناه من هذه التجربة من استغلال الفرص لإبراز مهاراتنا لاسيما وأننا تعرفنا على ثقافة جديدة من مجتمع غني مثل المجتمع التركي.
أقرأ أيضاً:
المعركة التي اتحد فيها العرب والأتراك دفاعاً عن وحدة أراضي الدولة العثمانية
(خاص -مرحبا تركيا)