يظن الكثير منا أن أول آذان رُفع في إسطنبول كان من خلال مسجد الفاتح بعد فتح القسطنطينية، لكن حقيقة الأمر غير ذلك حيث رفع أول آذان في المدينة من خلال جامع العرب قبل نحو 1300 عام.
جميعنا يعلم أهمية فتح القسطنطينية بالنسبة للمسلمين خاصة بعد حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أهمية فتحها وثنائه على الجيش وأميره الذي سيقود هذا الفتح العظيم والذي تضمن “لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش” لذلك لم يكن السلطان محمد الفاتح هو أول من سعى لفتح المدينة بل سبقته الكثير من الجيوش الإسلامية التي حاولت فتح المدينة.
https://www.youtube.com/watch?v=eRv9vdgVPjI
إنه جامع العرب وبالتركية Arap Cami أول جامع بُني في تاريخ اسطنبول عام 717 ميلادية من قبل الجيوش الإسلامية التي قدِمت لمحاصرة القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية بقيادة مسلمة بن عبد الملك في العهد الأموي.
ففي شهر ذي الحجة من سنة 95هـ قام مسلمة بن عبد الملك بحصار البيزنطيين من البر وبقوات دعم من البحر، ودام الحصار لمدة سنة كاملة، وفي تلك المدة لم يتمكن من فتح القسطنطينية ولكن سيطر على منطقة غلطة وفتحها وتم التواصل بين الجيش الاسلامي بقيادة مسلمة والإمبراطور ليون على اتفاق نتج عنه انشاء جامع العرب وفتحه للعبادة كي يتمكن جيشه من قضاء فرائضه. رفع المسجد أول آذان في مدينة إسطنبول وبقي مفتوحا للمسلمين لمدة 7 سنوات.
موقع وشكل الجامع
يقع الجامع في اسطنبول في منطقة قارا كوي والتي تعني بالعربية ” القرية السوداء” ويعود سبب هذه التسمية إلى أن مسلمة وجيشه عانوا من المرض والجوع طوال مدة السبع سنوات التي قضوها بالمنطقة لذلك أطلق عليها اسم ” قرية القهر” وتغير هذا الاسم بعد ذك ليصبح “القرية السوداء”.
على خليج القرن الذهبي وتحت برج غلاطة وهو المسجد الوحيد بتركيا الذي بني بالطريقة الأندلسية. تشبه منارته المربعة منارات الأندلس والمغرب العربي، ولا يوجد بالمسجد قبة فسطحه منبسط ومستطيل الشكل ويوجد خارج المسجد من الجهة الجنوبية الشرقية قبر الصحابي الجليل مسلمة بن عبد الملك.
يتكون الجامع من ثلاث طوابق ومنارة مزودة بسبعين نافذة. سطح الجامع الخشبي المزين مثبت على أربعة حيطان و22 عمود خشبي. المنبر من الرخام وحيطان الجامع من الحجر المقطع والقرميد والسطح مغطى بقرميد كذلك.
يتم صعود المنارة بواسطة 102 درجة وفي أسفلها قبو يستخدم للدخول من المنارة الى فناء الجامع. بداخل الجامع وعلى يمين القبلة تم العثور على مدونة من الرخام يذكر فيه تاريخ الجامع تم حفره عام 1807 من قبل الحاج امين أفندي والمدونة تتكون من 36 بيتاً.
وبعد فترة من الزمن حول الجامع الى كنيسة من قبل رهبان الدومانيك وتمت اضافة منارة إليه لقرع الجرس وأصبح الجامع كنيسة تابعة لروما الغربية والتي سميت بكنيسة سان بالو.
فتح القسطنطينية واستعادة الجامع لمكانته
وبعد فتح القسطنطينية عام 1453م استعاد الجامع مكانته مرة أخرى وحُوِّل الى جامع وسمي باسم جامع غالطة وفي عام 1492 وبعد إجبار مسلمي عرب الاندلس إلى الهجرة من اسبانيا واستقرارهم في مناطق مجاورة للجامع بات يُسمى الجامع باسم جامع العرب
وفي رواية أخرى بأن سبب تسمية الجامع بهذا الاسم: هو شكل المئذنة التي تم تحويلها من مكان جرس للكنيسة إلى مئذنة، وأنّها تشبه مئذنة الجامع الأموي في الشام التي بنيت عام 714.
وبعد اندلاع حريق غالطة الذي عام 1731 تم تعمير الجامع من قبل السلطانة صالحة زوجة السلطان مصطفى الثاني ووالدة السلطان محمود الأول.
وبعد اندلاع الحريق عام 1807 تم اعادة تعمير الجامع مرة أخرى، ورُمم الجامع بشكل واسع في الاعوام 1868 و1913 م.
كان الجامع يحتضن بداخله العديد من الامانات المقدسة مثل لحية الرسول صلى الله عليه وسلم والتي تم نقلها بعد ذلك إلى أماكن أخرى للحفاظ عليها. ولا يزال المسجد مفتوح للعبادة حتى الآن.
(خاص-مرحبا تركيا)