تمكنت الدولة العثمانية من تحرير البحر الأحمر من البرتغاليين وتحويله لبحيرة إسلامية بعد مواجهات استمرت أكثر من ثلاثين عاما، وذلك بعد محاولة البرتغاليين نبش قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسرقة جسده الشريف للمساومة على استرداد بيت المقدس من المسلمين واستمر إغلاق البحر الأحمر أمام البحرية الأوروبية ٣٠٠ عام.
الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر
ترتبط أهمية البحر الأحمر الاستراتيجية بموقعه الجغرافي المؤثر على العلاقات الإقليمية والدولية. فهو يتوسط قارات العالم القديم الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا كما يجاور منطقة الشرق الأوسط التي تستمد تاريخها من كونها مركز الحضارات القديمة ومهد الديانات السماوية الثلاث. وتكمن أهميته أيضا في تأثيره الشديد والمباشر على حركة التجارة المحلية والإقليمية والدولية.
ومن الناحية السياسية، فقد كان البحر الأحمر هدفًا حيويًا يدخل في سياسات الدول الكبرى و الشعوب المطلة عليه. أما من الناحية العسكرية، فإن البحر الأحمر، كان موطنا للكثير من الصراعات نظرًا إلى موقعه بين أخطر مناطق الصراع الدولي في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي والخليج العربي.
الصراع العثماني البرتغالي في البحر الأحمر
شغل البحر الأحمر حيّزًا مهمًا من تطلعات الدول الاستعمارية. وخاصة البرتغاليون الذين حاولوا السيطرة عليه لسنوات عديدة. و أصبحوا يشكلوا خطرا على المناطق المطلة على سواحل البحر الأحمر والأراضي المقدسة التي كانت تحت حماية دولة المماليك لكن دولة المماليك كانت في تلك الفترة في أسوأ حالات ضعفها.
نتيجة لتلك التطورات التي تمثلت في تغلغُل القوة البرتغالية في تلك الجهات، وجد العثمانيون المسرح مهيأ للقضاء على دولة المماليك وإنقاذ تلك الجهات من الخطر البرتغالي، وبالفعل تمكن العثمانيون من القضاء على دولة المماليك، وبدأوا يواجهون الخطر البرتغالي، في نفس الوقت فتح العثمانيون اليمن وبعض المناطق المهمة مثل عدن وزبيد ، كذلك تمكن القائد العثماني أوزدمير باشا (1500/1562) من القيام بحملات في مملكة الحبشة التي كانت لها علاقات مع البرتغاليين وأستطاع أن يحقق نتائج باهرة حيث تمكن من الاستيلاء على المناطق الشمالية الغربية من الحبشة وتمكن من الوقوف في وجه النشاط الذي كان يقوم به الأسطول البرتغالي في مياه البحر الأحمر وتصارع العثمانيون مع البرتغاليين في خليج البصرة أيضا، كل هذه الأعمال كانت ضربة للبرتغاليين .
سيطرة العثمانيين على البحر الاحمر وتحويله لبحراًإسلامياً مغلقاً
وسيطر العثمانيون على مياه البحر الأحمر ومنعوا البرتغاليين من ممارسة تبشيرهم الديني الذي كان يستهدف الأراضي المقدسة للمسلمين فضلا عن ممارسة الأعمال التجارية والسيطرة على تجارة الشرق.
وأضفت الدولة العثمانية الأمن والأمان على البحر الأحمر وجعلته بحراً اسلامياً مغلقاً في وجه السفن البرتغالية، ثم عمدت هذا المبدأ على جميع السفن المسيحية فحرمت عليها الإبحار في مياه البحر شمالي ثغر (ميناء) المخا في اليمن. فكان على هذه السفن أن تفرغ شحناتها في هذا الميناء ثم يعاد شحنها على سفن إسلامية يعمل عليها قباطنة وبحارة مسلمون وتبحر عباب البحر الأحمر وتترد ثغوره حتى السويس شمالا. وكانت حجة الدولة أو ذريعتها في هذا المنع أن أهم الأماكن الإسلامية المقدسة في العالم على الإطلاق تقع في الحجاز. تطل سواحل هذا الإقليم على مياه البحر الأحمر. فيجب أن تكون الملاحة مقصورة على السفن الإسلامية، وظلت الدولة حريصة على تطبيق هذا المبدأ حتى القرن الثامن عشر الميلادي.
هكذا نجحت الدولة العثمانية في تخفيف الضغط البرتغالي على التجار العرب والإمارات العربية الساحلية. كما أوقفت الاعتداء البرتغالي إلى حد جعله يعجز عن يمد مواقعه الى داخل البحر الأحمر والولايات العربية الداخلية على مدار 300 عام ، وبذلك حطمت المحاولات التي بذلها البرتغاليون لتكوين جبهة مسيحية منهم ومن الأحباش ضد القوى العربية الإسلامية في البحر الأحمر وشرق أفريقيا.
(خاص – مرحبا تركيا)