تناولت دراسة ميدانية في مدينة إسطنبول، صادرة عن “مركز حرمون للدراسات المعاصرة دراسة ميدانية”، تأثيرات البيئة التركية الحاضنة في السلوك الحياتي للشباب السوري في تركيا.
وبحثت الدراسة في علاقة الاتجاهات والأنماط المتعددة للتدين السوري بالحياة اليومية الخاصة والاجتماعية القريبة (الأسرة، الأصدقاء)، والعامة (العمل والعلاقة مع الآخرين والسياسة).
وبحسب تلفزيون “سوريا”، طمحت الدراسة إلى استشراف “المزاج الشبابي السوري العام” في مدينة إسطنبول، من خلال العلاقة بين البعد الديني “بوصفه نمط حياة” وقضايا الحياة العامة “بوصفها سلوكاً”.
وشملت الدراسة 400 من الشباب السوريين في إسطنبول في 20 منطقة مختلفة من المدينة، في حين لا يمكن تحديد الرقم الإجمالي للشباب السوريين في إسطنبول لعدم وجود بيانات إحصائية مفصلة، وقامت العينة بملئ استمارة تحوي 52 سؤالاً.
وخلصت النتيجة إلى عدد من الاستنتاجات، فبالنسبة إلى السلوك الديني للشباب (الطقوس والممارسة) لوحظ وجود علاقة ارتباط بين نمط التدين وتأدية فريضة الصلاة يومياً، ومكان الصلاة، فاختارت الأنماط المختلفة مواقفها بناء على مرونتها وتشددها، في حين لم يكن هناك علاقة ارتباط بين أنماط التدين وقراءة القرآن.
أما عن العلاقة بين التدين وأنماط الحياة الاجتماعية والعامة، فقد أظهرت النتائج عدم وجود علاقة بين نمط التدين واختيار الأصدقاء، حيث لم يمانع الأغلبية من إقامة علاقة صداقة مع أشخاص من مذاهب إسلامية وديانات أخرى.
وأظهرت أيضاً وجود علاقة ارتباط بين نمط التدين واختيار شريك المستقبل، حيث فضّل الأغلبية أن يكون الشريك من نفس نمط تدينها.
وأظهرت النتائج ضمن نفس السياق، ارتباطاً بين نمط التدين والعلاقة مع الوالدين وصلة الأرحام، باعتبارهما واجب ديني.
كما لوحظ عدم وجود ارتباط بين نمط التدين ونمط اللباس، حيث كان الميول نحو ارتداء اللباس الذي يتماشى مع النمط الاجتماعي المعاصر، بالإضافة إلى عدم وجود علاقة بين نمط التدين والاختلاط بالجنس الآخر، فالجميع أجاب أنهم يختلطون بحكم الضرورة والعمل والحياة العامة.
أما في السياق الاقتصادي، فقد أظهرت النتائج عدم وجود علاقة بين نمط التدين والتعامل مع البنوك، في حين أظهرت وجود علاقة بين نمط التدين والتعامل مع الفوائد والربح، وعدم وجود علاقة بين نمط التدين وزملاء العمل (العمل مع زملاء بغض النظر عن نمط تدينهم).
أما عن العلاقة بين التدين والمواقف السياسية، فقد خلصت النتائج إلى عدم وجود علاقة بين نمط التدين وتعريف الهوية، فمال أفراد عينة الدراسة إلى الرغبة في تعريف أنفسهم كـ مسلمين سوريين بأعلى نسبة، ووجود علاقة بين نمط التدين وتفضيل نظام الحكم السياسي/ نظام ديمقراطي إسلامي (التجربة التركية).
كما أشارت الدراسة إلى وجود علاقة بين نمط التدين ودين رئيس الجمهورية، فقد اشترطت النسبة الأعلى أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً سنياً.
ولفتت الدراسة في مقدمتها، إلى أن سوريا قد شهدت على مر تاريخها المعاصر، سمات معتدلة لأنماط التدين فيها، على اختلاف البيئات المكونة للمجتمع السوري.
وأفرزت أشكال التديّن مع طبيعة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في سوريا، نمطاً للشخصية السورية التي اتسمت بالمرونة وبمناخ يسير في العلاقة بين شكل التدين الشخصي والحياة العامة.
وأدت عقود القمع الطويلة في ظل حكم البعث إلى نكوص مجتمعي نحو أنماط مختلفة من علاقة الدين بالحياة الشخصية والعامة.