تواجه العلاقات بين تركيا وإيران مرحلة دقيقة في ظل تغييرات ميدانية وسياسية كبيرة في سوريا، حيث فقدت إيران أحد أبرز حلفائها بسقوط نظام الأسد في سوريا.
التحولات الإقليمية أثارت تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين أنقرة وطهران، خاصة مع استمرار التعاون والتوتر بين البلدين.
في أول خطاب له بعد سقوط دمشق في 8 كانون الأول، ألقى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل في الأحداث التي وقعت في سوريا، مشيراً إلى أن “القوة الرئيسية المتآمرة والمقر القيادي الأساسي هما في أمريكا والكيان الصهيوني. ولدينا أدلة لا تدع مجالًا للشك”.
وعلى الرغم من عدم ذكر تركيا بالاسم، وصف خامنئي أحد جيران سوريا بـ”المحتل”، منتقداً دوره في تغيير النظام السوري.
زيارة بولات إلى طهران وسط التوتر
في الوقت نفسه، زار وزير التجارة التركي عمر بولات طهران للمشاركة في الاجتماع الـ29 للجنة الاقتصادية المشتركة. بولات أشار عبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن النقاشات مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تناولت رفع حجم التجارة إلى 30 مليار دولار، تطوير مراكز التجارة الحدودية، وفتح معابر جديدة.
هذا التزامن بين التصريحات الإيرانية وزيارة بولات أبرز التوازن المعقد في العلاقات بين البلدين، الذي يجمع بين التعاون والمنافسة في منطقة تمتد من القوقاز إلى الشرق الأوسط.
في تقييم للوضع الحالي، قال مدير مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة الخارجية (EDAM) سنان أولغن في حديثه إلى موقع (BBC) التركية: “لن يؤدي الوضع في سوريا إلى تغيير جذري في نماذج العلاقات بين تركيا وإيران… صراع النفوذ كان دائماً موجوداً وسيبقى كذلك”. وأضاف أن التطورات الأخيرة تشير إلى زيادة ثقل تركيا الإقليمي.
من جانبها، أشارت الدكتورة هازار فورال جاين من جامعة إسطنبول أيدن إلى أن “التطورات الأخيرة تظهر تغيرًا ملحوظًا في مسار العلاقات بين أنقرة وطهران”، مؤكدة أن إيران تدخل فترة تخسر فيها نفوذها في سوريا.
إيران تواجه تحديات متزايدة
بنافشه كينوش، الباحثة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، رأت أن سقوط الأسد يعزز من قوة السياسة الخارجية التركية. وقالت: “هذا الوضع سيجبر إيران على التكيف مع واقع سياسة خارجية تركية أكثر قوة، لكن مدى نجاحها في ذلك لا يزال غير واضح”.
وأضافت كينوش: “النظام الإيراني يفتقر إلى القوة اللازمة لتغيير الواقع الجديد في سوريا، رغم إدراكه لحجم الضرر الذي لحق بنفوذه هناك”. كما علقت على تصريحات خامنئي بقولها: “ألمح إلى ضرورة التحرك لتقويض أهداف السياسة الخارجية التركية”.
مع اقتراب تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية مجدداً، يتوقع الخبراء تشديد الضغوط على إيران. ووفقاً لسنان أولغن، فإن “زيادة الضغط الأمريكي الذي قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية في إيران لن يكون سيناريو مفضلًا بالنسبة لتركيا”.
أما أورال توغا، الباحث في مركز الدراسات الإيرانية (إيرام)، فأكد أن إيران قد تعتمد على تركيا في حال تشديد العقوبات، بسبب العلاقات التجارية والطاقة العميقة بينهما.
التوازن بين المصالح والتوتر
رغم التوتر، يرى الخبراء أن تركيا وإيران لا تمتلكان رفاهية القطيعة. الدكتورة جاين أوضحت أن “الجارتين، اللتين تشتركان في حدود تمتد لـ560 كيلومتراً، لا يمكنهما الاستغناء عن الحوار والتواصل العالي”. وأضافت: “تاريخ الأزمات بين البلدين يظهر أن كلا الطرفين يتأثران بالأزمات التي تواجههما”.
وبحسب بيانات مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية (DEİK)، تراجع حجم التجارة بين تركيا وإيران من أكثر من 10 مليارات دولار في 2016 إلى حوالي 6 مليارات دولار في 2023، رغم إعفاءات أمريكية مكنت تركيا ودولًا أخرى من استيراد النفط الإيراني خلال تلك الفترة.
المصدر: تلفزيون سوريا
اقرأ أيضا: قطر تعيد فتح سفارتها بسوريا الثلاثاء بعد إغلاقها نحو 13 عاما
اقرأ أيضا: تركيا وسوريا.. آفاق جديدة في التجارة والاستثمارات