رغم الحرب الدائرة والأوضاع الاقتصادية المتردية في مناطق المعارضة السورية، يتمسك السوريون بهامش، وإن كان محدودا، للترويح عن أنفسهم والاستجمام والسهر والاجتماع بين الأصدقاء، وهنا تحضر المنتزهات.
إذ يعتبر منتزه إزمير، الذي يأخذ اسمه من مدينة إزمير التركية الساحلية، أحد المنتزهات القليلة في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، الخاضعة لقوات المعارضة، والتي يرتادها البعض بحثا على لحظات استجمام تخفف عنهم بعضا من عناء الحرب.
ويقصد المنتزه، الواقع في مدينة سراقب، مدنيون من محافظة إدلب، وخاصة من مدن سرمدا وخان شيخون في ريف إدلب، ومن مركز المدينة نفسها، ويكون الإقبال عليه كبيرا، خصوصا يوم الجمعة (العطلة الأسبوعية).
ويقدم القائمون على المنتدى خدمات عديدة، بينها كافة أنواع المشروبات والمأكولات العربية والفواكه والأراكيل (النارجيل)، فضلا عن وجود حديقة لألعاب الأطفال.
المنتزه يفتح أبوابه طوال الأسبوع، ولا رسوم مالية لدخوله، بل يدفع الزائر بقدر ما يتلقى من خدمات، ويصف زائرون أسعاره عامة بأنها مناسبة وتتوافق مع الظروف الاقتصادية الصعبة في سوريا.
امتنانا لتركيا
إطلاق اسم المدينة التركية إزمير على المنتزه السوري جاء من كون صاحبه، ويدعى ياسر الحمود، عاش في المدينة التركية 12 عاما، واختار هذا الاسم من باب الامتنان لتركيا على ما تفعله من أجل الشعب السوري منذ اندلاع الحرب بين قوات النظام والمعارضة عام 2011.
وحول ذلك، قال الحمود: “عملت تاجرا للملابس في مدينة إزمير التركية بين عامي 2004 و2016، وفي نهاية ذلك العام عدت إلى سوريا، وقررت فتح منتزه ومطعم وإطلاق اسم إزمير عليه”.
ولمشروع المنتزه، وفق صاحبه، ثلاثة أهداف هي “تحقيق الربح، وإيجاد فرص عمل جديدة، وكذلك تقديم الشكر لتركيا على كل ما قامت به من أجل الشعب السوري في أزمته؛ حيث تحتضن اللاجئين، وترسل مساعدات إغاثية إلى داخل سوريا، وغيرها الكثير”.
الإقبال على متنزه إزمير وصفه الحمود بـ”الجيد”، مضيفا أنه “يزداد يوما عن يوم؛ فالناس تبحث عن متنفس رغم ظروف الحرب المحيطة”.
ومنذ عام 2011 تطالب المعارضة السورية بتداول السلطة، التي ورثها رئيس النظام، بشار الأسد، في يوليو/تموز 2000، إثر وفاة والده الرئيس حافظ الأسد (1971– 2000)، وهو ما رد عليه بشار عسكريا، فاندلعت حرب أودت حتى الآن، وفق منظمة الأمم المتحدة، بحياة مئات الآلاف، أغلبهم مدنيين، وتسببت في نزوح ولجوء ملايين السوريين من أصل أكثر من 17 مليون نسمة، إضافة إلى دمار مادي هائل.
أجواء الحرب
“قتيبة الفاضل”، وهو أحد زبائن منتزه إزمير، قال: “نأتي إلى المنتزه للترويح عن أنفسنا من ضغوط الحياة والعمل التي نعيشها في أجواء الحرب”.
وتابع الفاضل قائلا إن “المنتزه مصمم على الطريقة الحديثة، وقد رأيت منتزهات مشابهة عندما زرت تركيا”.
وهناك سبب آخر لتردد الزائرين على منتزه إزمير في محافظة إدلب السورية، وهو منح الأطفال مصدرا للسعادة.
خالد خطاب، وهو أحد زوار المنتزه، قال إن “المنتزه يمثل فسحة للترويح عن أنفسنا ومتنفس لأطفالنا؛ فخلال سبع سنوات من الحرب حُرم الأطفال من كل شيء”.
وزاد خطاب بأن “الأطفال حُرموا من التلفاز والألعاب بسبب الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي.. وهم يسعدون جدا عندما يأتون إلى المنتزه، وتتحسن نفسيتهم بشكل ملحوظ، ويرغبون في القدوم إليه دوما”.