على خطى الرحالة العثماني الشهير أوليا جلبي (1611 ـ 1682) سار التركي سيمن بوز أصلان، فقام بزيارة وتصوير المدن والبلدات والأماكن الشهيرة التي مر بها الرحالة العثماني في تركيا وذكرها في كتابه المسمى “سياحتنامه”.

وأجرى بوزأصلان أربع جولات شملت الأماكن التي ذكرها أوليا جلبي في كتابه “سياحتنامه”.
وتأتي جولات بوزأصلان استكمالًا لمشروعه الذي يشمل توثيق 1600 موقع في 74 مدينة ذُكرت في كتاب أوليا جلبي
وقال بوزأصلان لمراسل الأناضول إنه قارئ نهم لكتب الرحالة القدماء، الذين جابوا المنطقة ووثقوا أحوالها السياسية والاجتماعية.
وأوضح أن “فكرة زيارة الأماكن المذكورة في كتاب أوليا جلبي بدأت تترسخ لديه بعد قراءته الكتاب المذكور”.
وأضاف: “بدأت قراءة كتاب سياحتنامه بشكل منتظم. وأخذت أتساءل هل هذه الأماكن التي وصفها جلبي في الكتاب ما زالت قائمة؟ هل يمكن رؤيتها اليوم؟ فأجريت جولة استغرقت حوالي 3 أشهر في منطقة إسطنبول لتوثيق تلك الأماكن”.
وأشار بوزأصلان إلى أنه خلال جولته في إسطنبول حاول العثور على الأماكن التي زارها أوليا جلبي في المدينة، وأنه بعد 3 أشهر تمكن من تحديد 364 مكانًا ذكر في الكتاب.
وأضاف أنه “يخطط لتوسيع هذا المشروع ليشمل جميع أنحاء تركيا، منطلقًا من فكرة كيف كانت تلك الأماكن ستبدو لو صورها أوليا جلبي فوتوغرافيًا؟”.
وتابع بوزأصلان: “من خلال هذا المشروع، أحاول فعل أشياء لم يفعلها جلبي. فأبحث عن الأماكن المذكورة في “سياحتنامه”، وأحدد موقعها، وأصورها فوتوغرافيًا”.
وأوضح أنه “زار خلال 10 أشهر الأماكن الموجودة داخل الحدود التركية الحالية التي ذكرها أوليا جلبي في رحلته التي استمرت 42 عامًا”، مشيرًا إلى أنه “أراد أن يشعر بروح الرحلة، لذا قضى جزءًا من رحلته على ظهر الخيل”.
وأضاف: “قطعت مسافة حوالي 20 كيلومترًا على ظهر الخيل بالقرب من هضبة باشقونوش بولاية قهرمان مرعش (جنوب) . أردت أن أختبر الشعور الذي يمكن الاحساس به خلال استكشاف المنطقة على ظهر الخيل”.
وأكّد بوزأصلان أنه “وجد أن هناك آثارًا لا تزال قائمة منذ الماضي، فيما تعرضت أخرى للدمار”، مضيفًا أنه وجد بعض الأماكن “بالشكل نفسه الذي ذكره أوليا جلبي في كتابه”.
وأشار إلى أنه خلال هذه الرحلة “تمكن من رؤية شجرة دلب ذكرها أوليا جلبي في كتابه، مضيفاً: “تمكنت في إحدى رحلاتي من رؤية “الحجر الدموي” الذي ذكره أوليا جلبي بجوار مسجد. هذه الأماكن لا تزال موجودة إلى يومنا هذا”.
وأضاف: “هذا هو الجزء الأكثر إثارة في المشروع. إن رؤية نص مكتوب قبل 400 عام ومقارنته مع الحاضر يثير في نفسي الحماسة والسعادة”.
وتابع بوزأصلان أنه “خلال زياراته لأكثر من 1600 موقع في 74 مدينة تركية، تمكن من العثور على معظم الأماكن التي ذكرها أوليا جلبي، إلا أن بعضها تعرض للتدمير”.
وقال “تركيا بلد يتعرض كثيراً للزلازل ووفقاً لما رأيته في المصادر كانت قديماً تتعرض لحرائق كثيرة أيضاً. وهذا ما جعل العديد من المباني الأثرية تتعرض للتدمير بنسب متفاوتة. نحن نتحدث عن فترة تتراوح بين 350 و400 عامًا”.
وأردف بوزأصلان: “بعض الأماكن خضعت لأعمال ترميم وإعادة بناء. وبعض الأماكن جرى ترميمها بما يتوافق مع شكلها الأصلي، ولكن هناك الكثير من الأماكن التي تغير شكلها بعد أعمال الترميم، واستُخدمت لأغراض مختلفة في يومنا هذا، مثل البدستان التاريخي (متاجر بيع الأقمشة) في ولاية مانيسا (غرب) الذي يستخدم اليوم كقاعة زفاف”.
وأشار إلى أن “أوليا جلبي ذكر بعض الأماكن واصفًا جمالها الطبيعي والمعماري معًا، مثل قلعتا شاهين قايا وقاياجق في مانيسا، المبنيتان على رأس جبل أو تلة”.
ولفت بوزأصلان إلى أن الأماكن التي زارها، “ما زالت تحمل الأسماء نفسها التي ذكرها أوليا جلبي في كتاب سياحتنامه”.
وأكد أن “الكثير من الأشخاص الذين التقى بهم في رحلاته لم يكونوا على علم بزيارة أوليا جلبي لبلداتهم وقراهم، وأن تلك البلدات والقرى مذكورة في كتاب سياحتنامه”.
وقال بوزأصلان: “اعتقد السكان بسبب آلة التصوير التي أحملها، أنني صحفي. عندما أخبرهم أنني هنا لإجراء بحث حول رحلة أوليا جلبي، أحسست أنهم شعروا بالمفاجأة”.
وأضاف: “سألوني: هل زار أوليا جلبي حقًا هذا المكان أيضًا؟ وعندما كنت أجيبهم بنعم وأخبرهم بما كتبه جلبي عن قراهم وبلداتهم، كانوا يعبرون عن دهشتهم ويقولون: لم نكن نعلم عن ذلك. وهذا أظهر لي أهمية المشروع وأني أسير فعلًا في الاتجاه الصحيح”.
وأوضح بوزأصلان أن تركيا مليئة بالأماكن التاريخية المنتشرة في كل ركن من أركانها، وأن أغلب الأماكن التاريخية التي حُفظت بشكل جيد تقع في إسطنبول.
ولفت إلى أن المشروع يهدف إلى أن يفهم المرء تاريخ الأماكن والأبنية التاريخية التي يمر بها ويعرف حكايتها وعمارتها. وكذلك تحويل كتاب سياحتنامه إلى دليل سياحي لعشاق السياحة التاريخية والأثرية.
اقرأ أيضا: تركيا.. بيع أكثر من 10 آلاف شقة للأجانب خلال النصف الأول من 2024
اقرأ أيضا: تركيا.. أفضل 7 مدن من حيث أفضلية العيش للعرب 2024