إن مسحراتي رمضان في تركيا هو عبارة عن تقليد يعود إلى فترة الدولة العثمانية، والذي يتمثل في حضور رجل يطوف شوارع المدينة قبيل الفجر لإنشاد أغاني دينية والإعلان بصوت عال بأنه أوان السحور. وقد اختير المسحراتي عادة من قبل الجماعات المسؤولة عن إدارة المساجد في المدينة، والتي كانت تستند في هذا الاختيار إلى معاير محددة كالصلاحية والسبق في التلاوة.
يعتبر تقليد “مسحراتي رمضان” جزء لا يتجزأ من أجواء شهر رمضان المبارك في العديد من الدول الإسلامية، بما في ذلك الجمهورية التركية، حيث لا يزال هذا التقليد مستمرا حتى وقتنا الحالي.
ينتشر ممارس الأذان في جميع مناطق تركيا أثناء شهر رمضان، ويعد هذا التقليد مستمرا منذ سنوات عديدة وضروريا لإعطاء ليالي رمضان أجواء خاصة.
يتجول المسحراتي في الأحياء السكنية لإيقاظ الصائمين قبل موعد الفجر، حتى يستطيعوا تناول وجبة السحور والصلاة قبل أذان صلاة الفجر.
تاريخ مسحراتي رمضان في تركيا
تشير معظم المصادر إلى أن تقليد المسحراتي كان شائعا خلال الفترة العثمانية، وذلك قبل تأسيس جمهورية تركيا ذلك يعني أن الأتراك يحافظون على التقليد الذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، ولا تزال بعض الدول الإسلامية تمارس هذا التقليد حتى الآن.
وحسب ما نقلته جريدة يني شفق التركية، فإن هذه العادة بدأت قرابة 150 عاما.
مع كل شهر رمضان، تصدر المجالس البلدية في تركيا تصاريح للأشخاص الذين يمارسون مهنة المسحراتي، وعادة ما يرثون من آبائهم وأجدادهم، وأحيانا يكون المسحراتي متطوعا، لكن لديه بطاقة تصريح عمل خاصة في رمضان.
يتجول المسحراتي في الحي الخاص به والذي يكون خال من العمل لإيقاظ سكانه لتناول وجبة السحور، وهو مزود بطبل كبير يدق عليه ويمشي به بين الأزقة والشوارع.
يمكن أن يتضمن ذلك الغناء بالحان سعيدة ترحب بشهر رمضان مع استخدام عبارات مثل “أهلا وسهلا يا رمضان”.
عادة ما يصاحب المسحراتي شخص آخر يحمل طبلا أو ينادي بصوت عال بترديد عبارات رمضانية مثل “أيام وليالي مباركة”، أو “استيقظ لتناول السحور”، أو “تذكر دائما ذكر الله تعالى”، وغيرها من العبارات.
في أي ساعة يخرج المسحراتي لإيقاظ الناس؟
بشكل عام، يتم حضور المسحراتي في تركيا بعد منتصف الليل وحتى قبل أذان الفجر بمدة تتراوح بين ساعة إلى ساعتين.
في بعض الأحيان يعود إلى نفس الموقع أو الشارع مرتين إذا زارهم في وقت مبكر، للتأكد من استيقاظ جميع السكان لتناول فطورهم قبل انقضاء وقته.
هل يحصل المسحراتي على المال في تركيا؟
لا يعد المسحراتي موظفا حكوميا، إذ إن عمله ليس رسميا وغالبا هو تقليد أو تطوع، وإلا فإنه يتلقى تقدير من قبل سكان الحي الذي يعمل فيه.
يحصل المسحراتي على مقابل عمله من سكان الحي الذي يعمل فيه، حيث يترقبون وصول منتصف أو نهاية شهر رمضان المبارك وأحيانا في بداية أول أيام العيد، ليرتدي زيه ويلجأ إلى باب منزل كل ساكن في الحي لإستلام إكرامية مقابل خدماته.
لا يوجد مقدار مادي محدد يتم فرضه على المواطنين من قبل المسحراتي أو البلدية لإعطائه للمسحراتي، بل يتم منح الأهالي حرية اختيار المبلغ الذي يرغبون في إعطائه دون إجبار.
المسحراتي في اسطنبول
إسطنبول تعد من بين أكثر المدن التي ما زالت تحتفظ بتقليد المسحراتي الذي لا يزال يظهر في شوارعها في ليالي رمضان.
تعد إسطنبول مدينة تاريخية ذات أهمية كبيرة كونها واحدة من أكثر المدن السياحية اكتظاظا بالسكان في العالم، بالإضافة إلى وجود جاليات إسلامية وعربية كثيرة فيها. لذلك، فإنها تحتفظ بأحد أهم عادات شهر رمضان الموروثة.
صرح سلامي أيكوت، رئيس اتحاد جمعيات المخاترة في إسطنبول، خلال رمضان الماضي، بأن عدد المسحراتين الذين سيلتحقون بالعمل في 963 حيا بإسطنبول خلال شهر رمضان يصل إلى 3,300 شخص.
ووصف هذا التقليد بأنه أجمل ما في رمضان، موضحا أن ثقافة المسحراتي لا تنقطع في اسطنبول، كما هو الحال في كل رمضان.
أكد أيكوت بأن كل حي في إسطنبول يضم مسحراتي متشابه منذ سنوات، وأشار إلى وجود بعض الأفراد الذين يعملون في هذا المجال داخل أحيائهم لمدة تصل إلى 10، 20 أو 30 عاما على الأقل.
مواصفات خاصة بالمسحراتي
أشار إيكوت إلى أنهم يركزون على معايير محددة عندما يقومون بتحديد وتوزيع المسحراتي للأحياء في المدينة، وأنهم سيراقبون هذه المعايير على مدار شهر رمضان.
- الاهتمام بأن يكون المسحراتية لديهم يعيشون في الحي ومن أبنائه.
- التحقق من ما إذا كانوا قد عملوا في هذا المجال سابقا أو لم يعملوا به.
- يتمثل ارتداء المسحراتي لباس مناسب يتوافق مع العادات والتقاليد في المجتمع التركي.
- يهتم اتحاد جمعيات المخاترة في إسطنبول بطريقة إيقاظ المسحراتي للأشخاص في وقت السحور.