• 29 مارس 2024
 الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد

الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد

الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد

حكم السلطان عبد الحميد الثاني الدولة العثمانية في أضعف مراحلها حيث تسلم مقاليد الحكم والجيوش الروسية تقرع أبواب اسطنبول ولكن لم يكن الغزو الخارجي فقط ما كان يؤرق سني حكمه الاثنتي والثلاثين،

بل إن خونة الداخل كثيراً ما سددوا له وللدولة ضربات أكثر إيلاماً، نستعرض اليوم قصة الباشوات الثلاثة وبالتحديد قصة زعيمهم أنور باشا، ولكن دعونا نبدأ بداية بمقدمة بسيطة عن الخيانات التي كانت متفشية في عهد السلطان عبد الحميد.

الباشوات الخونة في عهد السلطان عبد الحميد

كانت سنوات حكم السلطان مليئة بالفتن والمؤامرات، فمن جانب كانت الدولة تواجه أطماع الدول الاستعمارية ومن جانب آخر كانت تحت ضغط داخلي كبير يطالب بإصلاحات سياسية ومزيد من الحرية.

هنا ظهر على مسرح الأحداث العديد من الأشخاص الذي عدوا من الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد حيث امتطوا شعارات الإصلاح والتغيير لتحقيق مآربهم المشبوهة عُرِفَ منهم أحمد نيازي باشا وأيوب صبري باشا قادة تمرد 1908م ضد السلطان عبد الحميد والذي انتهى بتقليص صلاحيات السلطان وتحجيم دوره.

ولكن أشد الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد تأثيراً في تلك الفترة كان محمود شوكت باشا الذي زحف بقواته من سلانيك إلى اسطنبول 1909م ليجبر السلطان على التنازل عن العرش بشكل نهائي.

وهنا ظهر عدد آخر من الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد ممن كانوا في خدمته وضمن قصره من أبرزهم عارف حكمت باشا الذي عمل لسنوات مرافقاً للسلطان ولكنه انضم لاحقاً للمتمردين.

ودخل مع 4 من الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد هم اليهودي إيمانويل كاراصو وآرام افندي الأرمني وأسعد أفندي لإبلاغه بقرار العزل. طبعاً شارك في هذا الانقلاب العديد من الضباط الأدنى رتبة كان أهمهم الباشوات الثلاثة الذين ينتمي لهم أنور باشا.

من هم الباشوات الثلاثة

حيكت عنهم الكثير من القصص والروايات حيث يراهم البعض أبطالاً خانهم إقدامهم وتهورهم أحياناً ومنهم من يعتبرهم من الخونة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني الذين ترعرعوا وتربوا في المحافل الماسونية.

نشأ هذا الثلاثي:

  1. أنور باشا
  2. طلعت باشا
  3. جمال باشا

والذي سيعرف لاحقاً بالباشوات الثلاثة (الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد الثاني)، كضباطٍ متحمسين في الجيش العثماني يؤلمهم ما آل إليه حال الدولة.

فراحوا ينشدون التغيير والإصلاح مع جمعية الاتحاد والترقي التي تأسست في نهايات القرن التاسع عشر، بهدف تحويل الدولة العثمانية لدولة حديثة قادرة على مواجهة الأطماع الغربية وذلك عبر تبني شعاري القومية والديمقراطية.

الخونة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني

وصل الباشوات الثلاثة لقيادة الجمعية أولاً ولاحقاً لقيادة الدولة بحلول العام 1913م ولكن ذلك كان عبر سلسلة من الأساليب الميكافيللية جعلت الكثير يصنفهم ضمن قائمة الخونة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني فقد شاركوا بانقلاب 1908 و 1909م وتعاونوا مع الكثير من الخونة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني وإن كانوا انقلبوا عليهم لاحقاً.

ليسيطر الباشوات الثلاثة (الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد) على السلطة بشكل كامل ويتقاسموها فيما بينهم حيث تولى أنور باشا وزارة الحربية وطلعت باشا وزارة الداخلية إلى جانب منصب الصدر الأعظم “ما يشبه رئاسة الوزراء” وجمال باشا وزارة البحرية.

ولكن قلة الخبرة السياسية لدى الباشوات الثلاثة (الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد) وتعصبهم القومي أدى لارتكابهم لأخطاء كارثية لا تغتفر فرطت بآخر خلافة إسلامية نتيجة مغامرات ومجازفات مجنونة خارجياً وحكم استبدادي شوفيني متعصب داخلياً.

لذلك حُفِرَت أسماء الباشوات الثلاثة (الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد) في قلوب وعقول الملايين كأبرز الخونة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني مع أن دورهم الفعلي في الانقلاب على السلطان لم يكن رئيسياً.

أكثر من برز اسمه من بين الباشوات الثلاثة هو أنور باشا الذي أثار جدلاً كبيراً لاحقاً نظراً لنهايته الشجاعة لذلك سنستعرض الآن أهم محطات حياته.

من هو أنور باشا؟

القارئ لتاريخ هذا الباشا يجد الكثير من التناقضات في حياته، فهو يجمع بين الكثير من الحماسة والغيرة على الدين في كثير من مواقفه، بالإضافة إلى تسرّعه ودوره الهام في إسقاط الخلافة.

أنور باشا 2

المولد والنشأة

هو إسماعيل أنور والمعروف تاريخياً بأنور باشا، ولد في إسطنبول عام 1881 للميلاد، كان أبوه من حاشية السلطان عبد الحميد الثاني. تزوّج ابنة أخ السلطان، دخل الكلية الحربية في إسطنبول وتخرّج منها برتبة نقيب، وخدم في مدينة سلانيك.

حيث انضم هناك لجمعية الاتحاد والترقّي ولم يكن عمره قد تجاوز الخامسة والعشرين، أصبح لاحقاً من بين الباشوات الثلاثة الذين حكموا الدولة العثمانية في نهايتها.

دوره في الإطاحة بالسلطان عبد الحميد

دوره في الإطاحة بالسلطان عبد الحميد

انضم لحركة تركيا الفتاة والتي انبثق منها لاحقاً حزب الاتحاد والترقي حيث تعاون مع العديد من الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد وساهم هو وزملاؤه من الباشوات الثلاثة في حركة 1908م التي أجبرت السلطان عبد الحميد الثاني على إعادة العمل بالدستور،

كما ساهم في إجبار السلطان عبد الحميد على التخلي عن العرش لصالح السلطان محمد الخامس سنة 1909م في انقلابٍ قاده أكبر الخونة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني محمود شوكت باشا.

خلال شهر يناير من سنة 1913 قاد أنور باشا حركة عسكرية قلب بها نظام الحكم في الدولة العثمانية حيث هاجم مقر الباب العالي وأعدم الكثيرمن قادة الدولة بادئاً بذلك عهد الدكتاتورية الثلاثية عن طريق حكم الباشوات الثلاثة (أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا) وبالتالي أصبح وجود السلطان العثماني صورياً وذا صلاحيات محدودة.

اقرأ أيضاً: أردوغان يحقق أحلام السلطان عبد الحميد الثاني ويحيي روح السلطنة من جديد

أنور باشا في ليبيا:

في عام 1911 غزت إيطاليا ليبيا طمعاً بضعف الدولة العثمانية لتصدم الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد الثاني وانقلبوا عليه واستلموا الحكم، فلم يكن بإمكانهم إرسال أي قوات عسكرية إلى هناك. واكتفوا بإرسال بعض الضباط لتنظيم المقاومة هناك،

حيث انبرى لهذه المهمة أنور باشا وهناك تعرف على قادة الحركة السنوسية وعمر المختار وشكيب أرسلان وتعلم بعض العربية من احتكاكه بالمقاتلين العرب ليعود بعد أشهر قليلة إلى اسطنبول بعد صلح وقعه حكام الدولة العثمانية الجدد مع إيطاليا، تاركاً الثوار الليبيين هناك لمصيرهم.

أنور باشا في ليبيا

دوره في الحرب العالمية الأولى

كان الباشوات الثلاثة متحمسين للانضمام للحرب العالمية الأولى لاستعادة ما فقدته الدولة بتأثير الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد الثاني في كل من البلقان وليبيا. ولكن أنور باشا كان أكثرهم اندفاعاً ورغبةً بدخول الحرب إلى جانب ألمانيا لذلك سعى لإقناع شركائه من الباشوات الثلاثة في التحالف مع ألمانيا.

نظراً لهواه الألماني القديم الممتد لسنيّ دراسته هناك حيث كان أرسل إليها زمن السلطان عبد الحميد في بعثة دراسية. بعد عدة جولات من المحادثات توصل الباشوات الثلاثة لعقد اتفاق دفاعي مع ألمانيا جرّ الدولة العثمانية للدخول بحرب انتحارية.

خلال الحرب تميز أنور باشا عن زملائه من الباشوات الثلاثة بوجوده بالميدان، إذ قاد بنفسه حملة عثمانية جريئة لغزو روسيا من الجنوب واسترداد القوقاز ولكن شجاعته وجرأته لم تنفعه في مواجهة البرد الروسي إذا مات عشرات الآلاف من جنود الحملة برداً قبل أن يواجهوا جندياً روسياً واحداً. ليعود متألماً متحسراً إلى اسطنبول ممتلئاً حقداً على الروس وحلفائهم.

اتهامات غربية ضد أنور باشا

اتهمت الكثير من الأطراف الغربية الباشوات الثلاثة وأنور باشا خصوصاً بارتكاب جرائم إبادة ضد المسيحيين القاطنين داخل أراضي الدولة العثمانية خلال فترة الحرب العالمية الأولى انتقاماً من هزيمته أمام الروس كما اتهمه آخرون بأنه هو من أعطى الأوامر بتهجير الأرمن وبأنه المسؤول عن الجرائم التي تعرضوا لها خلال فترة الحرب.

الحكم بالإعدام وهروبه لألمانيا

انتهت قصة الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد مع نهاية الحرب العالمية الأولى و هزيمة الدولة العثمانية حيث صدر حكم غيابي من القضاء العثماني بالإعدام ضد أنور باشا فما كان منه إلا أن فرّ نحو ألمانيا ليمكث مدة وجيزة قبل أن ينطلق لكتابة أنصع صفحات حياته في مناطق تركستان.

حيث عمل هناك على توحيد المجموعات الإسلامية لمواجهة النفوذ البريطاني ونسق بداية مع السوفييت بدايةً ثم انقلب عليهم عندما انكشف اللثام عن أطماعهم الخفية في التراب الإسلامي فراح ينظم قواته من أجل نصرة المسلمين ضد الشيوعيين وخاض معارك عديدة ضدهم حتى قُتل في إحدى المواجهات مع الروس عام 1922.

اقرأ أيضاً: عهد السلطان عبد الحميد الثاني حقائق تاريخية مذهلة ونهضة اقتصادية مهولة

زملاء خونة السلطان عبد الحميد الثاني

أما زملاؤه من الباشوات الثلاثة فقد لاقوا مصيراً مشابهاً حيث قتلوا جميعاً بعد الحرب فطلعت باشا اغتيل في برلين أما جمال باشا فقد قتل في أفغانستان وقبلهم تم اغتيال محمود شوكت باشا في اسطنبول عام 1913.

هكذا حلت عليهم جميعاً لعنة الخيانة ليكون القتل مصير جميع الباشوات الذين خانوا السلطان عبد الحميد الثاني وكأنه قصاص رباني في الدنيا قبل الآخرة. 

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *