• 29 مارس 2024
 أشهر العلماء المسلمين الأتراك الذين رسموا العقلية الإسلامية التركية

أشهر العلماء المسلمين الأتراك الذين رسموا العقلية الإسلامية التركية

أشهر العلماء المسلمين الأتراك

ظهر الإسلام ليخلق تياراً فكرياً فريداً لم يشهد له التاريخ مثيلاً من قبل، فقد امتزجت الشعوب وتعارفت، وتلاقت حكمة اليونان مع علوم الهند على أراضي الامبراطوريات الإسلامية لتنبثق حضارة عابرة للحدود والقوميات والأعراق ساهم فيها العربي والفارسي والتركي والأمازيغي بعد أن تعالَوا على الانتماءات الضيقة وتماهوا جميعاً في الهوية الإسلامية الجامعة.

نقف اليوم مع أبرز أشهر العلماء المسلمين الأتراك الذي شاركوا في النهضة العلمية الإسلامية ونشير لإنجازاتهم وما تركوه من آثار خالدة. لكن بدايةً دعونا نعود قليلاً بالتاريخ لنراجع دخول الإسلام تركيا، وكيف ترعرع ذاك الجيل من أشهر العلماء المسلمين الأتراك.

دخول الإسلام تركيا

دخول الإسلام تركيا الحالية أو ما يعرف سابقاً بأسيا الصغرى أو بلاد الأناضول يعود لعصر الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث وصلت الجيوش الإسلامية سفوح جبال طوروس وفتحت مدن أضنة, مرسين, أورفة, غازي عنتاب, أنطاكية وغيرها..

ولكن حينها لم تكن هذه البلاد مأهولة من قبل الأتراك بل كان هناك خليط من الأرمن والرومان والجراكسة وغيرهم، أما دخول الإسلام تركيا بشكل كامل فلم يتم حتى عصر السلطان ألب أرسلان 1071 عندما هزم الروم في معركة ملاذكرد وفتح معظم أجزاء الأناضول لتنتشر القبائل تركيا في مختلف مدن أسيا الصغرى.

ولكن أشهر العلماء المسلمين الأتراك الذين سنتناولهم اليوم نشؤوا بعيداً عن تركيا بحدودها الحالية في سهوب أسيا الوسطى التي دخلها الإسلام في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.

إذاً فالأصح نسب دخول الإسلام تركيا إلى الفتح الإسلامي لبلاد أسيا الوسطى (بلاد ما وراء النهر) فذاك هو الموطن الأصلي الذي أقامت به القبائل التركية لآلاف السنين. لم تنقضِ إلا سنوات معدودة بعد الفتح حتى بدأ ظهور أشهر العلماء المسلمين الأتراك على الساحة الإسلامية.

وعلى عادة علماء ذلك الزمن فقد برع العلماء الأتراك في أكثر من مجال ولكن أكثر ما تميزوا به كان الطب، إذ تركوا آثاراً خلدت أسماءهم في التاريخ. سنبداً بالتعرف على أشهر العلماء الأتراك في الطب.


أشهر العلماء الأتراك في الطب

ابن سينا

أبو الطب الحديث وأمير الأطباء وعلّامة العلماء، الذي اشتهر باسم “ابن سينا”, ولد بالقرب من بخارى الواقعة في أوزبكستان في يومنا الحالي، يُختلف في أصله العرقي فالبعض يعده من أشهر العلماء المسلمين الأتراك في الطب في حين يرى البعض أنه فارسي لأنه كتب بعض كتبه بالفارسية وجلها بالعربية، في حين يراه آخرون رمزاً للأخوة الإسلامية التي تتعالى على كل الحواجز القومية والمناطقية.

ألف كتاب القانون الذي ظل مرجعاً للجامعات الأوربية حتى مطلع القرن الثامن عشر، كما اشتغل بالفلسفة وبمواضيع عديدة ليفوق جملة ما خطته يده المئتي كتاب، ضاع كثيرٌ منها عند الغزو المغولي، الذي ربما تمكن من حرماننا من مؤلفات ابن سينا ولكنه عجز عن تحطيم أسطورة أشهر العلماء المسلمين الأتراك في الطب.

أما إنجازاته واكتشافاته الطبية فأكثر من تحصى أو تعد وتحسب فمن تشخيص التهاب السحايا لوصف أعراض حصى المثانة واليرقان لاتباع أساليب العلاج النفسي إلى كتبه ومؤلفاته في المنطق والرياضيات والسياسة والهندسة وحتى الشعر.

ابن سينا

آق شمس الدين

يعد اق شمس الدين الفاتح المعنوي للقسطنطينية ومربي السلطان محمد الفاتح، ولد سنة 1389م ترترع في بيت علم، لينهل من العلوم الشرعية ويتفقه في علوم الدين من المدارس النظامية، كما اهتم بدراسة الطب والصيدلة وعلم النبات، حيث سبق باستور بمئات السنين باكتشافه للميكروبات وتشخيصها بشكل علمي.

ترك العديد من المؤلفات باللغتين العثمانية والعربية، أهمها في الطب مادة الحياة وكتاب الطب، توفي بعدما حقق مناه وتكحلت عيناه بفتح القسطنطينية بست سنوات وبعدما رسخ اسمه كواحد من أشهر العلماء المسلمين الأتراك في الطب إلى جانب كونه علّامة في العلوم الشرعية.

أبو بكر الرازي

ولد أبو بكر الرازي في الري في أقاصي إيران اليوم، سنة 250 للهجرة، لينبغ في الطب والفلسفة والكيمياء والرياضيات، أشهر مؤلفاته هو كتاب الحاوي في الطب الذي اعتبر طوال قرون عديدة أكبر موسوعة طبية إذ اشتملت عل كل ما توصل إليه العقل البشري من أيام الإغريق حتى زمانه في الطب.

لذلك عُدّ من أشهر العلماء المسلمين الأتراك في الطب. كما نبغ بالفلسفة وإن أتى بآراء وأفكار اعتبرت شاذة في زمانه وأدت لسجالات طويلة بينه وبين غيره من العلماء المسلمين. رحل عن عمر لا يجاوز الثلاثة والستين  عاماً بعدما حفر اسمه بين العظماء.

أبو بكر الرازي


أشهر العلماء المسلمين الأتراك في المجالات الأخرى

الفارابي

أبو نصر محمد الفارابي أول الفلاسفة المسلمين وأشهرهم، جاء إلى الدنيا في مدينة فاراب التي تقع حالياً في كازخستان سنة 260 هـ/874 م، أولع بالفلسفة اليونانية فانكب على كتب أرسطو وترجمها جميعاً للعربية، لتصبح العربية لغة الفلسفة من بعده. هذا ما عزز مكانته كواحد من أشهر العلماء المسلمين الأتراك.

فقد سُمِيَ بـ “المعلم الثاني” نسبة للمعلم الأول أرسطو فقد أجاد بشرح كتب أرسطو وأضاف عليها وسعى للتوفيق بين أفكاره وبين الشريعة الإسلامية. وشهد له بذلك من أتى بعده من العلماء إذ يروي ابن سينا أشهر العلماء المسلمين الأتراك أنه قرأ كتاب أرسطو عن الميتافيزيقيا (ما وراء الطبيعة) أكثر من 40 مرة ولم يفهمه إلا بعدما قرأ شروحات الفارابي عليه.

اُشتهر أيضا بإتقان علوم الكلام بالإضافة لتميزه في معرفة اللغات حتى تناقل الناس عنه الأساطير وقالوا أنه يجيد أكثر من 70 لغة، تنقل في أنحاء البلاد وفي سوريا، قصد حلب وأقام في بلاط سيف الدولة الحمداني فترة ثم ذهب لدمشق وأقام فيها حتى وفاته عن عمر يناهز 80 عاما، ولا يزال قبره هناك إلى اليوم. ترك العديد من المصنفات، التي يصل عددها للـ 160 مؤلفاً ضاع معظمهما.

وأشهرما بقي منها هو كتاب إحصاء العلوم الذي صنف فيه علوم زمانه، وكتاب آراء أهل المدينة الفاضلة الذي شكل منطلقاً للعديد من النظريات السياسية الحالية كنظرية السلام الديمقراطي لكانت عن العالم المثالي. كل هذا جعل من اعتبار الفارابي من أشهر العلماء المسلمين الأتراك الأصل الذين أثروا في الفلسفة والمنطق في جميع أنحاء العالم أمراً من المسلمات البديهية.

أبو نصر محمد الفارابي

اقرأ أيضاً: رئيس جامعة تركية بين العلماء الأكثر تأثيراً في العالم 2021

محمود الكشغري

عالم ومؤرخ تركي من مدينة كاشغر من علماء القرن الحادي عشر، اختص بأنساب الترك ولغاتهم، ألف كتبه بالعربية ومنها “ديوان لغات الترك” الذي كتبه خلال إقامته في بغداد بعد أن قام بمراجعته أربع مرات.

وقد استغرقت كتابته عامين كاملين. يعد هذا الكتاب المرجع الأول للغة التركية اليوم إذ يحتوي أكثر من 10 آلاف كلمة تركية بمختلف اللهجات مع شرحها بالعربية بالإضافة إلى لمحات وإضاءات على تفاصيل من حياة وتاريخ الأتراك. لهذا فإن محمود الكشغري بنظر الكثيرين واحد من أشهر العلماء المسلمين الأتراك.

محمود الكشغري

خوجة أحمد يسوي

شاعر وفيلسوف تركي ولد سنة 1093-1166 في مدينة تركستان الواقعة حاليا في جمهورية كازخستان. كان أول شاعر اشتهر بالكتابة باللهجة التركية المحلية. عُرِفَ كأول وأكبر متصوف بين العلماء الأتراك. كما اشتهر باسم “سيد تركستان”.

ألف أحمد يسوي كتاباً أسماه “ديوان الحكمة” سعى فيه بأشعاره ولغته السهلة لتبسيط مبادئ الإسلام للأتراك وتسهيل دعوتهم إلى الإسلام.

خوجة أحمد يسوي

يوسف خاص حاجب

أحد رجال القرن الخامس الهجري البارزين، ومؤلف أول كتاب في التاريخ الإسلامي التركي “قوتادغوبيليك” (أي: علم السعادة).

ولد يوسف خاص حاجب في مدينة بلاساغون عاصمة الدولة الكاراخانية في عام 1019م. وهو فيلسوف تركي مسلم ومفكر وشاعر ورجل دولة ألف كتباً في علم الاجتماع والسياسة، اهتم بالسياسة الشرعية أو سبل إدارة الدولة وفق قواعد الشريعة الإسلامية لتحقيق الحكم الرشيد.

حيث يعتبر من أوائل العلماء الأتراك الذين كتبوا في هذا المجال، ترك مؤلفاته باللغة الأيغورية والأبجدية العربية أي بنفس اللغة التي ما تزال تستعمل إلى اليوم في تركستان الشرقية الراسخة تحت الاحتلال الصيني.  

وبهذا نرى أن العلماء الأتراك المسلمين تركوا تراثاً عظيماً أغنى الحضارة الإنسانية بشكل عام، والإسلامية على وجه الخصوص، وبرهنوا مجدداً على الصفة العالمية الجامعة للحضارة الإسلامية التي التقت فيها روافد الإبداع من كل قومية وكل عرق.

لتظهر مجدداً أن لا عزّ للمسلمين إلا بهويتهم الموحدة. فإلى اليوم ما يزال كل المسلمين من أقصى الأرض لأقصاها يفتخر بإنجازات العلماء الأتراك وغير الأتراك دون الوقوف على هويتهم الإثنية وما تزال ألسنة الموحدين تتلو الفاتحة على أرواحهم، فرحمهم الله وجزاهم عنا خير الجزاء.

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *