عقب الانتخابات في تركيا، عمدت انقرة على تغيير سياستها الاقتصادية الأمر الذي أدى الى تراجع مخاطر الاستقرار المالي الكلي وضغوط ميزان المدفوعات على نحو حاد في البلاد.
وأفاد إريك أريسبي موراليس، المدير الأول وحلل اقتصاد تركيا لدى وكالة فيتش للتصنيف، بأن تغيير تركيا سياستها الاقتصادية عقب الانتخابات، قلل بشكل كبير من هذه المخاطر، بحسب الاناضول.
وأوضح موراليس: “التغيير في السياسة الاقتصادية المستمر منذ يونيو/ حزيران 2023، لا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه زياد في سعر الفائدة فحسب”.
وأعلن البنك المركزي التركي الشهر الجاري، عن رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 250 نقطة أساس إلى 42.5 بالمئة، في الشهر السابع لدورة التشديد النقدي.
التشديد النقدي الذي اتبعته تركيا كان فوق المتوقع

ويأتي هذا الرفع في وقت يكثّف فيه البنك المركزي، معركته ضد التضخم وجهوده لدعم الليرة التي تشهد تراجعا في قيمتها.
وأكد موراليس على أن التشديد النقدي الذي انتهجته تركيا عقب الانتخابات، كان أكبر وأسرع مما توقعته وكالة فيتش، وأضاف: “الوضع الجديد يساهم في تخفيف الضغوط على الليرة، ويدعم تعافي الاحتياطيات الأجنبية، ويوقف تراجع الليرة لكنه سيعمل على تباطؤ الناتج المحلي”.
وتابع: “فيتش تتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد التركي من 4.1 بالمئة بنهاية 2023 إلى 2.5 بالمئة في 2024، بسبب التأثير المشترك لتشديد السياسة النقدية، وضعف النمو لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين لتركيا مثل منطقة اليورو”.
إلا أنه يرى أن موقف السياسة النقدية المتشددة، وقال: “ربما يكون ضروريا لفترة طويلة من الزمن لتحقيق التوازن في الاقتصاد التركي”.
وتشكل الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في مارس/آذار المقبل، اختباراً جديا لتصميم الحكومة التركية على مواصلة دورة التشديد الحالية وتجنب التدابير التحفيزية الانتخابية التي تقوض السياسة الحالية.
رفع سعر الفائدة
من جهته قال الخبير الاقتصادي في مؤسسة ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس، كين واتريت: “يقود البنك المركزي التركي التغييرات الأساسية في السياسة الاقتصادية التركية”.
وأضاف: “الهدف من السياسة الاقتصادية الحالية، يتمثل بتحقيق استقرار العملة الوطنية للحد من التضخم.. البنك المركزي رفع سعر الفائدة، لإبطاء الطلب المحلي من أجل تقليل الخلل في الحساب الجاري”.
وتلجأ البنوك المركزية حول العالم إلى رفع أسعار الفائدة لإبطاء الطلب على الاستهلاك، وسحب السيولة من الأسواق، وهي إحدى أكثر الأدوات شيوعا لكبح جماح التضخم.
وأوضح واتريت: “نعتقد أن هذه العوامل ستضغط على النشاط الاقتصادي على المدى القريب، وسيكون هناك وضع صعب للغاية في الاقتصاد خلال 2024.. مع ذلك، تعتبر هذه الشروط ضرورية لمساعي موازنة التضخم ومنع المزيد من انخفاض العملة”.
وتابع: “نحتاج لأن نكون واقعيين، هذه الصعوبات رأيناها أيضا في البنوك المركزية الأخرى، فالسيطرة على التضخم يستغرق بعض الوقت، ولا يمكن تقليص التضخم مباشرة عندما يتم زيادة سعر الفائدة”.
وأشار الى أن المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد التركي، ظهرت أيضا في العديد من الاقتصادات الأخرى”، مشيرا إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد صدمة تضخم لم نشهده منذ عقود.
هل سيتراجع التضخم؟
وفيما يخص مشكلة التضخم أفاد واتريت: “يتعين على البنوك المركزية مكافحة صدمة التضخم من خلال تغيير السياسة النقدية.. في تركيا، استغرق الأمر وقتا أطول، أعتقد أن المفتاح هو مكافحة مشكلة التضخم”.
وتابع: “يبدو أن هذا التغيير في السياسة النقدية يقودنا إلى بيئة أكثر استقرارا، ولسوء الحظ، سيكون 2024 عاما مليئا بالتحديات على كافة الأصعدة، وسيتأخر تأثير رفع أسعار الفائدة على النشاط الاقتصادي”.
وزاد: “لكن نتوقع أن يبدأ التضخم في التحرك نحو الأسفل تدريجيا وتستقر العملة، ونأمل أن تبدأ التوقعات الاقتصادية في التحسن خلال 2024، ويكون العام التالي أكثر إيجابية”.
وشدد أن الاقتصاد العالمي يواجه أيضا العديد من الرياح المعاكسة، مؤكدا أن قدرة أي اقتصاد على خلق مسار للخروج من الصعوبات الاقتصادية محدودة للغاية.
وأضاف “بما أن هذا الوضع في كل مكان، فيبدو أن عام 2024 سيكون مليئا بالتحديات الاقتصادية حول العالم”.
اقرأ أيضا: تركيا تعفي مواطني 6 بلدان من تأشيرة السياحة
اقرأ أيضا: سعر الدولار والذهب في تركيا اليوم الإثنين 25-12-2023