يعتبر قصر الحمراء واحدًا من أشهر القصور العربية ذات الطابع الإسلامي في إسبانيا، الذي يتميز بهندسة العمارة الإسلامية الرائعة جاعلة منه تحفة فنية، يقصدها العديد من السواح حول العالم.
يشكل مسار المياه داخل قصر الحمراء لغزا علميا، ورغم الأبحاث والدراسات ما زالت المياه وطريقة تدفقها ومسارها أعجوبة هندسية، بعد مرور كل ذلك الوقت وإلى يومنا هذا ما زالت منظومة المياه تسد حاجة منطقة الحمراء كاملة وتملأ الخزانات والنوافير، تروي حدائق جنات العرّيف الشهيرة وتغذي البساتين المجاورة لها والتي كانت مصدر الغذاء الأساسي لهم في ذلك الوقت.
وكشف الباحثون عن سر من اسرار هذا القصر، وهي المواد المستعملة والتقنيات المعقدة التي استخدمت في بنائه لحمايته من عوامل الطبيعة والتآكل بسبب تقلبات المناخ وعوامل الزمن، وقد تمكنت هذه المواد والتقنيات من الحفاظ على قصر الحمراء بعد مرور ثمانية قرون من تشييده وما زال بإمكانكم زيارتهم ورؤية تفاصيله وكأن بني نصر قد غادروه لتوهم.
يقول “محمد معصوم وانلي أوغلو” خطيب جامع “جاتالجه” في إسطنبول ل”الأناضول” : ” تعرفت إلى حضارة الأندلس في سن الرابعة عشرة بعد قراءته قصيدة رثاء الأندلس لأبو البقاء الرُندي، وسافرت إلى الأندلس لأول مرة عام 2008″.
اقرأ أيضا: بعد صمود 3 أشهر… استسلام كتيبة آزوف المدافعة عن ماريوبول الأوكرانية
وأضاف “وانلي أوغلو” : ” بدأت قراءة التاريخ الإسلامي في سن مبكرة من أجل فهم الأسس التي ساهمت في إنشاء المسلمين لمثل هذه الحضارة العظيمة في العالم”.
وأشار الى أن التصميم المعماري لقصر الحمراء يحمل بين ثناياته فنًا يعبر عن التواضع والروعة معًا قائلاً : ” يتربع القصر على تلة تتوسط قلعة حصينة. هيكل القصر بخلاف القلعة يعبر عن الرقة والنعومة. تحمل جدران القصر منقوشات كتب عليها بالخط الأندلسي عبارة “لا غالب إلا الله” شعار دولة بنو الأحمر”.
ويأمل “وانلي اوغلو” أن تُعاد أمجاد قصر “الحمراء” قائلاً : ” أشعر أن هذه الدرّة سوف تزدهر مجددًا، لتشع نور الإسلام في قلب الشعب الإسباني. هذا ما يجعلني سعيدًا لأنه أولًا وآخرًا “لا غالب إلا الله”، واصفاً القصر بالزمردة الأخيرة التي تعكس أمجاد حضارة غابرة”.
من جهته كشف “علي عثمان رمضان أوغلو” المُرشد السياحي في “اسبانيا”، عن سبب إقباله على الدراسة في اسبانيا وقال : ” تأثرت بالثقافة وفن العمارة الأندلسية في غرناطة.
وأضاف : ” حصلت هنا عام 2015 على درجة الماجستير في اللغة الإسبانية وآدابها، كما كرست نفسي أيضًا لتعريف الزوار القادمين إلى هنا من جميع أنحاء العالم، بأصالة وتاريخ مدينة غرناطة”.
وحثَ “رمضان أوغلو” الجميع على زيارة قصر الحمراء للتعرف على روعة العمارة والحضارة الإسلامية في الأندلس وقال : ” يشمخ قصر الحمراء أمامنا كصرح فني مبني بالحجارة لكن الروح تنبض فيه وتخبر الزوار عن أصالة الحضارة التي شيّدته”.
قصرُ الحمراء هو قصرٌ أَثري وحصن وأحد أهم صروح العمارة الإسلامية المسلوبة في الأندلس، شَيَّده مؤسس دولة بني الأحمر “الغالب بالله” أبي عبد الله محمد الأول محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن نصر بن الأحمر بين 1238-1273 في مملكة غرناطة خِلالَ النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي.
ويعد الآن من أهم المعالم السياحية بأسبانيا ويقع على بعد 267 ميلًا 430 كم جنوب مدريد.
و تعود بداية تشييد قصرِ الحمراء إلى القرن الرابع الهجري، الموافق للقرن العاشر الميلادي، وترجع بعض أجزائه إلى القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي. وقد استغرق بناؤه أكثر من 150 سنة.
و يوصف قصر الحمراء المدرج على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي العالمي، بأنه أحد عجائب الدنيا السبع، ويستضيف سنويًا ملايين السياح من مختلف دول العالم بما في ذلك تركيا.