• 29 مارس 2024
 جراح باشا الطفل الأسير الذي تصدر اسمه أبرز جامعات تركيا

جراح باشا الطفل الأسير الذي تصدر اسمه أبرز جامعات تركيا

كثيرون هم من عملوا في قصور السلاطين من الأطباء المهرة، لكن قلة قليلة منهم فقط من تمكنوا من حفر اسمهم في صفحات التاريخ، لعلّ جراح باشا أبرزهم على الإطلاق، فأبرز مؤسسة أكاديمية طبية في تركيا تحمل اسمه بالإضافة للعديد من المشافي والمساجد والأحياء.

فمن هو جراح باشا، وأين نشأ وترعرع وما هو الجانب الخفي في سيرته، وما هي أبرز المعالم التي تحمل اسمه حالياً. كل هذا سنتطرق له في موضوعنا اليوم.

من هو جراح باشا؟

هو الجراح محمد باشا لا يعرف كثيراً عن تاريخ ميلاده ولا عن موطنه الأصلي، لكونه من الانكشارية، إذ جُلِبَ صغيراً كأسيرٍ من إحدى قرى البلقان المسيحية إلى أدرنة حيث تم إلحاقه بمعسكرات الانكشارية لتبدأ هناك قصة كفاحه وارتقائه لدرجات السلم الاجتماعي ليصل إلى قمتها في غضون سنوات.

تلقى تدريبه وتعليمه أولاً في ما يعرف بالأندرون (مؤسسة تعليمية خاصة بالقصر لتأهيل الخدم والكوادر الإدارية والعسكرية) حيث لمسَ قادته نبوغه وذكاءه فضم إلى ما يعرف بالجناح الخاص (الهاس أودا) حيث حصل على تعليمٍ متميز لينشاً كطبيب جراح وفي نفس الوقت كأحد آغوات الإنكشارية مما مهد له السبيل للوصول إلى مناصب مهمة لاحقاً.

عاش في محافظة مانيسا 14 عاماً ثم انتقل مع السلطان سليم الثاني إلى اسطنبول، حيث كانت علاقته مع السلطان جيدة منذ أن كان سليم الثاني أميراً وولياً للعهد زمن السلطان سليمان القانوني. لكن نجمه سطع أكثر زمن السلطان مراد الثالث إذ تنقل بسرعة بين المناصب.

ففي عام 1581 عيّن بكلربك (بيك البكوات) لولاية الروملي والتي تشمل كل الأجزاء الأوربية من الدولة العثمانية، لتتم ترقيته في العام التالي مباشرةً إلى منصب الوزير الرابع، وفي هذه الأثناء أيضاً تميز طبه أيضاً إذا أجرى عملية جراحية لابن السلطان مراد الثالث فبرزت براعته وطار صيته في الآفاق ولقب بجراح باشا منذ ذلك الحين، في عام 1584 صعد درجة أخرى على سلم الوزارة حيث تقلد منصب الوزير الثالث.

تعرض موقعه السياسي لأزمة عابرة سنة 1587 إذ أبعِدَ عن الوزارة لفترة وجيزة قبل أن يكسب ثقة السلطان مجدداً ويستمر في عمله حتى وصل إلى منصب الصدارة العظمى سنة 1598 وهو أعلى منصب في الدولة العثمانية يلي السلطان مباشرة في أهميته وبهذا تمكن ذلك الطفل الذي دخل القصر وحيداً شريداً كخادمٍ لا أكثر من الارتقاء لأقوى محطات السلطة.

لكن الزمان لم يسعفه كثيراً فما هي إلا أشهر معدود حتى أقعده المرض عن مباشرة مهامه وصلاحياته ليستعفي من منصبه ويتقاعد سنة 1599، حيث تفرغ للعبادة في المسجد الذي أنشأه في الحي الذي سمي لاحقاً على اسمه أيضاً، وافته المنية هناك سنة 1604 ودُفِن في جامع جراح باشا.

أبرز المعالم التي تحمل اسم جراح باشا

  • كلية الطب جراح باشا

تخليداً وتكريماً لاسم جراح القصر العثماني والسياسي المخضرم الذي ارتقى الصدارة العظمى تم إطلاق هذا الاسم على كلية الطب في جامعة اسطنبول لدى تأسيسها سنة 1967م. الكلية التي أثبتت تفوقاً رهيباً وحافظت على صدارة المشهد الطبي الأكاديمي في تركيا منذ تأسيسها حتى وقتنا الحالي.

كلية الطب جراح باشا

  • جامعة اسطنبول جراح باشا

تأسست جامعة جراح باشا اسطنبول سنة 2018 حيث ضمت كلية جراح باشا طب مع كليات الهندسة وكليات الطب البيطري والتربية لتتأسس كجامعة حكومية توأم لجامعة اسطنبول. وبالرغم من حداثة تأسيسها وتأخرها على سلم التصنيف الدولي فقد استمرت جامعه جراح باشا في اجتذاب أفضل الطلاب الأتراك والأجانب لما عُرِفَ عن تخصص الطب في هذه الجامعة من قوة وتمييز سابقين. للمزيد من المعلومات عن جامعة جراح باشا للطب يمكنكم مراجعة مقالنا السابق عن دراسة الطب في تركيا وأفضل الجامعات بهذا المجال.

جامعة اسطنبول جراح باشا

  • مشفى جراح باشا اسطنبول

تتبع أيضاً لجامعة جراح باشا وكلية الطب فيها يعود تاريخ تأسيسها لعام 1911 ميلادي زمن الدولة العثمانية إذ بدأت نواتها ببناء واحد بسعة 80 سرير ليوسع ويُحدّثَ في العام التالي حيث أصبحت هذه المشفى في اسطنبول بسعة 150 سرير، في عصر الجمهورية استمر توسع المشفى وضُمَّ له عيادات جديدة على مراحل متعددة حتى وصل حرم المشفى ساحل بحر مرمرة، المستشفى التي أبلت بلاءً عظيماً بمواجهة فيروس كورونا تعمل حالياً بسعة 1000 سرير وتضم ما يزيد عن 1100 دكتور وباحث أكاديمي بالإضافة إلى 2500 موظف.

مشفى جراح باشا اسطنبول

  • جامع جراح باشا

بناه أيضاً الجراح محمد باشا بين سنتي 1593 – 1594 إذ كلف المعمار الشهير آنذاك داوود آغا ببنائه، كما أنشأ بجانبه مدرسة وكتاباً لتعليم الأطفال في إشارة لطيفة لمدى حبه واهتمامه بالعلم. تعرض الجامع للعديد من الحرائق التي أصابت اسطنبول كما تضرر نتيجة الزلازل.

لتتغير العديد من ملامحه القديمة نتيجة عمليات الترميم المتكررة والتي كان آخرها سنة 1982. كان حرم المسجد يضم مدرسة وحمام وبحرة وقبر جراح باشا، ولكن مع مرور الزمن تم فصل هذه الأبنية عن بعضها في حين أن قبره لايزال في مكانه بالقرب من المسجد مجاوراً للحائط الشمالي لباحة الجامع. احرص عند قدومك إلى اسطنبول على زيارة ضريحه وقراءة الفاتحة على روحه.

جامع جراح باشا

  • حي جراح باشا

أحد الأحياء الأربعة والعشرين في منطقة الفاتح، سُمِي على اسم جراح باشا نظراً لوجود الجامعة والمشفى والمسجد المسمى باسمه أيضاً في نفس المنطقة، يقع الحي على إحدى تلال اسطنبول السبعة التي بنى قسطنطين عليها عاصمته قبل 1800 سنة، يمتد الحي اليوم حتى ساحل بحر مرمرة.

ويقيم فيه أعداد كبيرة من الطلاب الذين يدرسون في كلية جراح باشا. كما يضم الحي العديد من الآثار التاريخية منها مسجد وقبر بيرم باشا الوزير العثماني الشهير الذي توفي خلال حملة استرداد بغداد سنة 1638، كما يوجد في الحي نفسه جامع السلطانة حُرَّم زوجة السلطان سليمان القانوني الشهيرة والذي يعتبر ثالث أكبر مسجد في اسطنبول بعد جامعي الفاتح والسليمانية، فقد أمرت المعمار سنان ببنائه سنة 1539 ثم أنشأت بجواره مدرسة وكتاباً ومشفىً للنساء ودار إيواء للمساكين والمحتاجين.

حي جراح باشا

كيف أزور جامع جراح باشا؟

يمكنكم الوصول إلى جامع جراح باشا عبر استعمال الترام واي T1 والنزول في محطة يوسف باشا ثم السير على الأقدام جنوباً مسافة 5 دقائق.

معلومات عن جامعة جراح باشا وكلية الطب فيها وشروط التسجيل ورسومها؟

تعتمد جامعة جراح باشا على امتحان اليوس الخاص بها لقبول الطلاب الأجانب، حيث تشترط حصول الطالب على ما يزيد عن 90% في امتحان اليوس للمفاضلة على كلية الطب، أما بالنسبة لرسومها فهي بحدود الـ 25 ألف ليرة تركية سنوياً

لمن يسمع بامتحان اليوس لأول مرة يمكنكم معرفة كافة التفاصيل المتعلقة بهذا الامتحان من هنا

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *