• 29 مارس 2024

الأتراك يحتفلون اليوم بذكرى وفاته.. تعرف على أمير البحار بربروس؟!

                  1.  يوافق اليوم ذكرى وفاة خير الدين بربروس، وهو يعرف  ﻟﺪﻯ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﻴﻦ بـ”ﺒﺎﺭﺑﺎﺭﻭﺳﺎ” ﺃﻱ “ﺫو ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﺍﻟﺤﻤﺮاء، ولقبه السلطان سليم الأول بخير الدين باشا
                    وﺍﺳﻤﻪ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﺧﻀﺮ ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮﺏ وهو أحد أكبر قادة الأساطيل العثمانية وأحد رموز الجهاد البحري، عينه السلطان سليمان القانوني كقائد عام لجميع الأساطيل البحرية للخلافة العثمانية
                     ولد بربروس (1467_1546) في جزيرة لسبوس في اليونان وتوفي في الآستانة (إسطنبول)

                  نشأة خير الدين باربروس

                  1. ولد في جزيرة لسبوس اليونانية وكان أصغر إخوته، إسحاق وعروج وإلياس ومحمد، والده هو يعقوب وهو انكشاري أو سباهي من فاردار، أمَّا والدته كاتالينا وهي نصرانية؛ قيل إنها كانت أرملة قسٍّ

وقد أهدى الله خير الدين وأخوه عروج إلى الإسلام فأسلما بعد اعتناقهم للنصرانية، وهما يعملان في القرصنة البحرية

 ودخلَا في خدمة السلطان محمد الحفصي في تونس، وكانا يعترضان السفن النصرانية، ويأخذان ما فيها، ويبيعان رُكَّابها وملَّاحيها رقيقًا، وقد أرسلَا للسلطان العثماني سليم الأول إحدى السفن التي أسروها فقبلها منهما، وكافأهم عليها

 وعمل الإخوة الأربعة كبحَّارة ومقاتلين في البحر المتوسط ضدَّ قراصنة فرسان القديس يوحنا، المتمركزين في جزيرة رودس

قتل أخوه إلياس في معركة وأسر عروج في رودس وفر منها إلى إيطاليا ومنها إلى مصر

وفي حوالي عام 1505 للميلاد استطاع عروج الاستيلاء على 3 مراكب واتخذ من جزيرة جربة (تونس) مركزاً له ونقل عملياته إلى غرب المتوسط

ذاع صيت عروج  بعدما تمكن بين العامين 1504 و 1510 من إنقاذ الآلاف من مسلموالأندلس  ونقلهم إلى شمال أفريقيا

وصول خير الدين إلى السلطة في الجزائر بعد مقتل أخيه عروج

ففي عام 1516م استطاع تحرير الجزائر ثم تِلِمْسَان من الإسبان، وأعلن نفسه حاكمًا على الجزائر، واستطاع عروج أن يقيم حكومة قوية في الجزائر، وأن يطرد الإسبان من السواحل التي احتلُّوها، ويوسّع من نطاق دولته حتى بلغت تلمسان، وتمكن من ضم مصر إلى دولته

 وأعلن  طاعته وولاءه للدولة العثمانية، غير أن إسبانيا هالها رأت في سياسة عروج خطرًا يُهدِّدها، فأعدت حملة عظيمة بلغت خمسة عشر ألف مقاتل، تمكَّنت من دخول الجزائر وأسر عروج ،ثم  وقتلوه في (شعبان 924هـ= أغسطس 1518م)، وخلفه أخوه الأصغر خير الدين

ولاية خير الدين بربروس على الجزائر

خلف خير الدين بربروس أخاه في جهاده ضد الإسبان بكل حماسة، ولكنه وجد أن قواته غير كافية لمواجهتهم، فاستنجد بالدولة العثمانية طالبًا العون منها والمدد؛ فلبَّى السلطان سليم الأول طلبه، وأمده بالرجال والسلاح

وتابع بربروس عملياته البحرية؛ حتى تمكَّن من طرد الإسبان من تجمعاتهم على الساحل الجزائري، وضم إلى دولته مناطق جديدة، وحتى أنه لم يكتف بذاك فقط بل قام بغزو السواحل الإسبانية، وأنقذ سبعين ألف مسلم أندلسي من قبضة الإسبان؛ بعد ما رأوا أشد أنواع العذاب، فنقلهم في سنة (936هـ= 1529م) مستخدمًا أسطولًا من 36 سفينة؛ وذلك في سبع رحلات، ووَطَّنهم في مدينة الجزائر

السلطان العثماني سليمان القانوني و خير الدين
قام السلطان سليمان القانوني باستدعاء خير الدين بربروس إليه في إسطنبول، وعهد إليه بإعادة تنظيم الأسطول، والإشراف على بناء  سفنه، ثم وكَّل إليه مهمة ضمّ تونس إلى الدولة العثمانية، قبل أن يتمكَّن السلطان الإسباني شارل الخامس من الاستيلاء عليها
فغادر خير الدين العاصمة العثمانية على رأس ثمانين سفينة وثمانية آلاف جندي، واتَّجه إلى تونس، ونجح في القضاء على الدولة الحفصية التي كانت تحكم تونس، وأعلن تبعيَّتها للدولة العثمانية سنة (941هـ= 1534م)

مما أثار شارل الخامس الذ أعد حملة للسيطرة على تونس، تمكَّنت من الاستيلاء عليها في السنة نفسها، وردَّ خير الدين على هذا الانتصار بغارة مفاجئة على جزر البليار في البحر المتوسط، فأسر ستة آلاف من الإسبان، وعاد بهم إلى قاعدته في الجزائر، ووصلت أنباء هذه الغارة إلى روما وسط احتفالات البابوية بانتزاع تونس من المسلمين

 معركة بروزة أشهر انتصارات بربروس

عين السلطان سليمان القانوني، خير الدين بربروس قائدًا عامًّا للأسطول العثماني، مكافأة له على جهوده، وجعل ابنه حسن باشا واليًا على الجزائر، وواصل حسن باشا جهود أبيه في مهاجمة الإسبانيين في غرب البحر المتوسط

و من أشهر انتصارات معركة بروزة بالبحر المتوسط؛ فقد كانت معركة هائلة تداعت لها أوروبا؛ استجابة لنداء البابا في روما، فتكوَّن تحالف صليبي من 600 سفينة، تحمل نحو ستين ألف جندي، ويقوده قائد بحري من أعظم قادة البحر في أوربا هو «أندريا دوريا»

وتألَّفت القوات العثمانية من 122 سفينة، تحمل اثنين وعشرين ألف جندي، والتقى الأسطولان في بروزة في 4 من جمادى الأولى 945 هـ= 28 من سبتمبر 1538م، وفاجأ خير الدين خصمه قبل تأهبه القتال، فتفرَّقت سفنه من هول الصدمة، وهرب القائد الأوربي من ميدان المعركة؛ التي لم تستمرّ أكثر من خمس ساعات، تمكَّن في نهايتها خير الدين بربروس من حسم المعركة لصالحه

وقد أثار هذا النصرُ الفزعَ والهلعَ في أوربا، وأعاد للبحرية العثمانية هيبتها في البحر المتوسط، في الوقت الذي استقبل فيه السلطان سليمان القانوني أنباء النصر بفرحة غامرة، وأمر بإقامة الاحتفالات في جميع أنحاء دولته

غزو فرنسا

 

كانت فرنسا ترتبط بعلاقات وثيقة مع الدولة العثمانية في عهد سليمان القانوني؛ ولذلك لم يتأخَّر السلطان عن تقديم المساعدات الحربية التي طلبها منه فرانسوا الأول ملك فرنسا؛ وذلك أثناء الحرب التي اشتعلت من جديد بينه وبين الإمبراطور شارل الخامس حول دوقية ميلان شمال إيطاليا

كلَّف السلطان سليمان القانوني خير الدين بربروس بقيادة الحملة، فغادر إسطنبول في 23 من صفر 950هـ= 28 من مايو 1543م على رأس قوة بحرية كبيرة، استولت -وهي في طريقها إلى فرنسا- على مدينتي «مسينة» التابعة لصقلية، و«ريجيو» الإيطالية دون مقاومة، ثم استولت على ميناء «أوستيا» الإيطالي، وواصلت سيرها حتى دخلت ميناء طولون (قاعدة البحرية الفرنسية في البحر المتوسط)، ورفعت السفينة الفرنسية المستقبلة لهم الأعلام العثمانية، وأطلقت مدافعها تحيَّة لها، ودخل الأسطول الفرنسي المكوَّن من أربع وأربعين قطعة تحت إمرة خير الدين، وتحرَّك الأسطولان إلى ميناء «نيس»، ونجحَا في استعادة الميناء الفرنسي في (21 من جمادى الأولى 950هـ= 22 من أغسطس 1543م)

ونظرًا للعلاقة الجيدة التي كانت تربط السلطان سليمان القانوني بفرانسوا الأول؛ فقد تمَّ عقد معاهدة بين الدولتين بعد استعادة ميناء نيس في (16 من جمادى الآخرة 950هـ= 16 من سبتمبر 1543م)، تنازلت فيها فرنسا عن ميناء طولون الفرنسي برضاها للإدارة العثمانية، وتحوَّل الميناء الحربي لفرنسا إلى قاعدة حربية إسلامية للدولة العثمانية، التي كانت في حاجة ماسَّة إليه؛ حيث كان الأسطول العثماني يُهاجم في غير هوادة الأهداف العسكرية الإسبانية، التي كانت تُهدِّد دول المغرب الإسلامي والملاحة في البحر المتوسط

وفي الفترة التي تمَّ فيها تسليم ميناء طولون إلى الدولة العثمانية أُخلي الثغر الفرنسي من جميع سكانه بأوامر من الحكومة الفرنسية، وتحوَّل إلى مدينة إسلامية عثمانية، رُفع عليها العلم العثماني، وارتفع الأذان في جنبات المدينة، وخلال ثمانية أشهر شنَّ العثمانيون هجمات بحرية ناجحة بقيادة خير الدين على سواحل إسبانيا وإيطاليا

وفاة خير الدين بربروس
كانت هذه الحملة المظفَّرة هي آخر حملة يقودها خير الدين بربروس، فلم تطُلْ به الحياة بعد عودته إلى إسطنبول؛ حيث تُوُفِّيَ في 5 من جُمَادَى الأولى 953هـ= 4 من يوليو 1546م عن 65 عامًا في قصره المطلِّ على مضيق البوسفور بالآستانة، مسطِّرًا صفحة مجيدة من صفحات التضحية والفداء والإخلاص للإسلام، وردع القوى الصليبية الباغية

  

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *