تركيا– أطلقت الشرطة التركية، يوم الثلاثاء، موجة جديدة من العمليات الأمنية استهدفت شبكة إجرامية متورطة في قضايا فساد، تشمل تعاوناً بين رجال أعمال ورؤساء بلديات وموظفين بيروقراطيين في بلديات إسطنبول.
وأسفرت العمليات، التي نُفذت في إسطنبول وأنطاليا تشاناك قلعة وطرابزون وبورصة وغيرسون، عن توقيف 21 مشتبهاً بهم.
وكان من بين الموقوفين عرفان ديميت، الضابط العسكري السابق الذي تولى رئاسة هيئة النقل العام في إسطنبول (İETT) عام 2023، إلى جانب مسؤولين كبار آخرين في الهيئة. ولا يزال أربعة مشتبهين فارين من العدالة.
ويواجه الموقوفون اتهامات تتعلق بوجود فساد في مناقصات طرحتها هيئة “İETT” وشركة “İSFALT”، وهي شركة تابعة لبلدية إسطنبول الكبرى متخصصة في إنتاج الإسفلت.
وقد خضعت “İETT” لانتقادات واسعة منذ تولي رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، منصبه في 2019، بسبب تكرار الحوادث والأعطال في وسائل النقل العامة، والتي نُسبت إلى “سوء الصيانة وسوء الإدارة”.
رجل الأعمال أكتاش يقر ويتعاون
وتعود جذور التحقيق إلى عام 2024، حين أُوقف رجل الأعمال البارز عزيز إحسان أكتاش، الذي حصل على عدد كبير من المناقصات العامة من بلديات يديرها حزب الشعب الجمهوري (CHP).
وبعد توقيفه، عقد أكتاش صفقة مع السلطات وأصبح شاهدًا رئيسيًا مقابل تخفيف العقوبة إلى الإقامة الجبرية، حيث أدلى باعترافات طالت شبكة واسعة من المتورطين.
وكان من بين من شملتهم التحقيقات رئيس بلدية منطقة بشيكتاش، رضا أقبولات، الذي أُوقف في وقت سابق هذا العام. وبعد أشهر، شهدت قضية فساد منفصلة توقيف أكرم إمام أوغلو نفسه. وقالت النيابة إن التحقيقات في الشبكة المرتبطة بإمام أوغلو تتداخل مع القضايا المتعلقة بأكتاش.
وكشف أكتاش لاحقاً عن تورط خمسة رؤساء بلديات آخرين من مناطق غازي عثمان باشا وبيوك تشكمجه وأفجلار في إسطنبول، جميعهم من حزب الشعب الجمهوري.
واعترف بأنه قدم رشاوى مقابل الحصول على مناقصات مربحة، وأضاف أنه اضطر في إحدى الحالات إلى “التبرع” بسيارة لاستخدامها في حملة انتخابية لرؤساء بلديات عام 2024.
الحزب الحاكم يدافع والمعارضة تندد
فيما اعتبر حزب الشعب الجمهوري هذه التوقيفات “ذات دوافع سياسية”، أكد أكثر من 30 متهماً تعاونوا مع النيابة أنهم ارتكبوا مخالفات، تتراوح بين تقديم رشاوى مقابل تصاريح بناء ومنح امتيازات في المناقصات لشركات محددة.
من جهتها، دافعت الحكومة عن التحقيق، مؤكدة على “استقلال القضاء”. ووصف الرئيس رجب طيب أردوغان التحقيقات بأنها “جهود لكشف أذرع أخطبوط الفساد في البلديات”.
وقد استفاد بعض المتهمين من “قانون الندم” الذي يتيح تخفيف العقوبة مقابل الإدلاء بمعلومات حول متورطين آخرين، وكشف هؤلاء عن حجم الفساد في بلدية إسطنبول وشركاتها التابعة.
كورزاي يقر بـ”نظام خفي” للرشى داخل البلدية
ويوم الاثنين، أُفرج عن بوراك كورزاي، المدير العام لشركة “ISFALT”، بعد اعترافه بـ”ندم كافٍ”، حيث كان قد أوقف في 4 حزيران، وأدلَى بشهادته يومي 10 و21 تموز. واعتبر المدعون تصريحاته كافية لدعم سير التحقيق.
وفي شهادته، تحدث كورزاي عن “نظام خفي للإكراه والمدفوعات غير القانونية”، وقال إن الشركات كانت تُجبر على دفع أموال غير رسمية للحصول على مستحقاتها المالية من بلدية إسطنبول الكبرى.
واتهم كورزاي إرتان يلدز، رئيس لجنة الشركات التابعة للبلدية، بمطالبة رجل الأعمال أكتاش بمبلغ 30 مليون ليرة تركية، قائلاً له: “لن يدفعوا له ما لم ترسل المال”. وعندما اعترض كورزاي، أجابه يلدز: “هل هذه أول مرة تسمع بالنظام؟”، مضيفاً أن المبلغ سيُستخدم لتمويل الحملة الانتخابية لحزب الشعب الجمهوري.
وأوضح كورزاي أنه حثّ أكتاش على اللجوء للقضاء، لكن الأخير أصر على الدفع، وتم تسليم المبلغ في حقيبة داخل أحد فنادق كيليوس.
تفاصيل أخرى حول التلاعب بالمناقصات
كما كشف كورزاي أن أكتاش دفع لاحقاً مبلغ 100 ألف دولار إلى شخص آخر يدعى باكي آيدونَر، الذي يُعتقد أنه كان له نفوذ في مناقصات تتعلق بالمركبات والنفايات في عدد من البلديات.
وأضاف أن المناقصات كانت تُدار وتُعدَّل من قبل مسؤولين كبار في البلدية، من بينهم نائب الأمين العام عارف غوركان ألپاي، والمسؤول فاتح كيليش.
وقال كورزاي إن بلدية إسطنبول كانت تطلق مناقصات دون توفر التمويل الحقيقي، فقط لخلق مظهر من النشاط، بينما كان الهدف الفعلي هو تحقيق دخل غير رسمي.
وأضاف: “الربح الحقيقي كان يأتي من مناقصات ISFALT”، مشيراً إلى أن المعلومات الداخلية عن المناقصات كانت تُسرَّب بشكل غير رسمي إلى شركات معينة للفوز بالعقود.
المصدر: تلفزيون سوريا
اقرأ أيضا: أردوغان: دولة الإرهاب إسرائيل تقتل بإجرام الشعب الفلسطيني منذ 22 شهرا
اقرأ أيضا: الأمن القومي التركي: مستمرون في دعم حكومة سوريا لضمان وحدة البلاد




































