• 18 أبريل 2024

أحمد يلماز، مدرس موسيقى تركي كفيف يعلم العزف على الآلات الموسيقية للطالبات في مدرسة “سردوان” الإعدادية (المتوسطة) للآئمة والخطباء في ولاية، سكاريا، غربي البلاد، دأب على تقديم فقرات موسيقية تطرب الآذان بعدد من البرامج التي يشارك بها، وذلك بواسطة جوقة موسيقية تضم 50 طالبة.
يلماز فقد نظره في سن صغيرة جرّاء إصابته بمرض الاختلاج (حالة طبية تؤدي لانقباض لا إرادي لمجموعة من العضلات بشكل سريع ومتكرر، وينتج عن ذلك انتفاضات لا إرادية)، واتجه للموسيقى بتحفيز من مدرسيه حتى استطاع أن يثبت نفسه فيها.
وبرع في العزف على العديد من الآلات الموسيقية مثل البيانو، والأورغ، والقيثارة، وعقب تعيينه مدرسًا للموسيقى قبل 7 سنوات نذر نفسه للطلاب ليعلمهم كل ما يعرفه في هذا المجال.
وإلى جانب ساعات الدروس، كان يلماز حريصًا على عقد دروات مجانية في الموسيقى للطلاب، واستطاع تكوين كورال مكون من 50 طالبة في المدرسة، قدم من خلاله العديد من الأغاني والتواشيح الدينية بعدد من الفعاليات والبرامج التي شارك بها في المدينة.
وشدد المدرس يلماز على أنه يعيش الموسيقى في كل لحظة من حياته، وأنه كان حريصًا على نقل هذا الحب لطلابه في المدرسة التي يعمل بها، على حد قوله.
وأشار إلى أنه لم يعلن على الإطلاق في العزف على الآلات بسبب إعاقته البصرية، موضحًا أنه يتعامل مع الطلاب بكل حب، وتشدوه رغبة ليعلمهم الموسيقى أفضل مما تعلم.
وأضاف قائلا “نقوم بأعمال فنية جميلة للغاية. لقد قمنا بتشكيل كورال من طلاب الصفين السادس والسابع بالمدرسة، حيث نؤدي عددا من الحفلات في فعاليات وبرامج مختلفة تتم دعوتنا إليها بالمدينة”.
ولفت يلماز إلى أن اهتمام الطلاب بالموسيقى إلى جانب الدروس، يمثل جهدًا مضاعفًا لهم، مشيرًا إلى أنهم خلال الدروس يختبرون قدرات الطلاب الموسيقية، وبناء على النتائج يقومون بتوجيههم إلى الآلات التي يبرعون في عزفها.
وبيّن المدرس يلماز في السياق ذاته أن هناك ردود فعل إيجابية حيال الحفلات التي يقومون بإحيائها بواسطة الكورال الطلابي، مضيفًا “التدريس ليس مهنة، بل أسلوب حياة. نعم هي كذلك، وبالتالي إذا نظرنا إلى كل مهنة بهذه النظرة فبالتأكيد سنحصل على نتائج مذهلة.
وتابع قائلا “مهنة التدريس، ليست كبقية المهن الأخرى. فمهنتي رغم تعبها ومشقتها، تعتبر طريقًا جميلًا. لذلك على كل إنسان يعمل عملًا ما أن يفكر في الجانب الحسن من عمله، ليصنع لنفسه أحلامًا تجعله قادرًا على تخطي أية صعاب قد تواجهه”.
وأردف موضحًا أن استخدام الآلات الموسيقية، والعزف عليها يضيف للإنسان العديد من الخصال الحميدة، مثل الصبر وقوة التحمل، مضيفًا “وأتمنى من الله أن يصل طلابنا في الموسيقى لمستويات متقدمة، وألا ينسوا هذه الذكريات الجميلة والأعمال التي نقوم بها، فهذا بالتأكيد سيسعدنا، ولا نتطلع لأي شيء آخر”.
بدوره أشاد مدير المدرسة، فراموز قوشار، بالجهد الذي يبذله المدرس أحمد يلماز، من أجل تحبيب الطلاب في مادة الموسيقى، مشيرًا إلى أن الطلاب من كثرة تعلقهم بالمادة باتوا ينتظرون درسها بشغف بالغ.
وشدد المدير في، على أن المدرس يلماز استطاع من خلال الموسيقى تجاوز إعاقته البصرية، مضيفًا “ولقد نجح كذلك في تعليم الطلاب كافة فنيات العزف على الآلات الموسيقية العادية منها والإلكترونية، الأمر الذي لاقى حبًا كبيرًا لدى الطلاب، فباتوا يبذلون كل ما لديهم من جهد لتعلم الأفضل”.
كما أوضح قوشار أن حرص الطلاب على تحمل المسؤولية من خلال الحفلات التي يتم تنظيمها ويشاركون بها، كان له دور كبير في ثقل شخصياتهم، وانعكس ذلك بالإيجاب على أدائهم وتحصيلهم الدراسي بالمدرسة.
وبيّن أن الطلاب المشاركين في كورال المدرسة، مع المدرس، يلماز، سبق وأن دعوا لحملة مساعدات من أجل متضرري زلزال “ألازيغ” الذي وقع نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.
وأضاف قائلا “وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه إذا نجح الأطفال في المهارات الاجتماعية، والثقافية، وكذلك الفردية، وليس فقط في الناحية الأكاديمية، فإن ذلك يبرز ما لديهم من سمات وقدرات قيادية. وبالتأكيد كان للمدرس أحمد دور كبير في هذا”.
الطالبة، إسراء نو جنار، قالت إنها منذ 3 سنوات وهي تعمل مع المدرس أحمد في كورال المدرسة، وقدموا معًا حفلات موسيقية ودينية بعدد من المناسبات والفعاليات.
وأضافت قائلة “جميع الطلاب يولون اهتمامًا كبيرًا بمادة الموسيقى، وأولهم أنا، وذلك على عكس ما كنا عليه قبل قدوم المدرس أحمد يلماز، الذي كان سببًا في دخول الموسيقى لحياتي”.
وتابعت “فمعلمنا أحمد يقضي معنا أوقاتًا ممتعة لا تخلو من فكاهات تخلق أجواءً من المرح تخرجنا من الأجواء التقليدية لدروس بقية المواد في المدرسة”.
بدورها قالت الطالبة، طوآنا باشتن، إن معلمهم أحمد يلماز أضفى على شخصياتهم ميزات مهمة متعلقة بالحياة التعليمية، وكذلك اليومية، مضيفة “فلقد كان سببًا في زيادة ولعي بالموسيقى، وآلات العزف المختلفة”.
واستطردت قائلة “وأنا حزينة لأن هذه آخر سنة دراسية لي بالمدرسة، ولما لا وهو الذي لم يبخل عنا بأي معلومات واهتمام. ناهيكم عن الحفلات والفعاليات الني نشارك فيها معًا، فمع مدرسنا الرائع نغني وننشد أحلى الألحان”.

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *