• 29 مارس 2024

من مؤسسة للخدمات الطلابية إلى أخطر منظمة إرهابية.. كيف تغلغلت جماعة “غولن” في تركيا؟

تعيش تركيا هذه الأيام ذكرى محاولة الانقلاب الفاشلة التي نظمتها منظمة فتح الله غولن الإرهابية بهدف القضاء على نظام الحكم في تركيا.

نسرد معكم خلال هذا التقرير تفاصيل خاصة بالجماعة منذ نشأتها حتى تورطها في محاولة الانقلاب وتصنيفها كمنظمة إرهابية دفعت مجموعات من الجيش التركي لرفع السلاح أمام شعبه.

فتح الله غولن.. من يكون؟

هو محمد فتح الله غولن مفكر إسلامي وداعية تركي، ولد في 27 أبريل 1941 في قرية صغيرة تابعة لقضاء حسن قلعة المرتبطة بمحافظة أرضروم، وهي قرية كوروجك، ونشأ في عائلة متدينة.

انتقل عام 1999 للعيش في الولايات المتحدة، حيث يقيم في منطقة جبال بوكونو في ولاية بنسلفانيا الأمريكية. أسس غولن حركة “خدمة” التي انتشرت من خلال دعم وسائل الإعلام والصحافة وبناء المدارس في دول إفريقية وآسيوية، كما عززت من وجودها داخل المجتمع التركي، خاصة في الإدارة.

ومن أشهر ما يؤخذ عليه تشجيع الفتيات على التعليم حتى على حساب الحجاب في الوقت التي كانت تعاني فيه الفتيات التركيات من دخول الجامعات بسبب ارتدائهن للحجاب وانتقاده تسيير سفينة مرمرة لكسر الحصار المفروض على غزة وإدانته سحب السفير التركي من تل أبيب.

نشأة الحركة

بدأت الحركة في مدينة أزمير كجماعة محلية لخدمة الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور وأصحاب الأعمال تحت رئاسة التركي فتح الله كولن عام 1970. وكانت تسمى هذه الحركة بحركة غولن، خصوصا من قبل العلماء الغربيين لان غولن هو مصدر الإلهام الرئيسي لهذه الحركة. ولكن أعضاء الحركة يطلقون عليها اسم”hizmet” “الخدمة”، أو خدمات المتطوعين. غير ان غولن يفضل أن يطلق عليها اسم “حركة البشر المتحدين حول القيم الإنسانية العالية”

نشأت الحركة في أواخر الستينيات من القرن العشرين في تركيا كمبادرة مبنية على العقيده أو على الاسلام لخلق فرص تعليمية على شكل منح دراسية وسكن للطلاب و مدارس و مراكز للدروس الخصوصية.

وعلى مدى أربعة عقود منذ ذلك الوقت نمت و تطورت الحركة لتصبح حركة تعليمية ثقافية دينية مع أعضاء يبلغ عددهم بالملايين، و تتآلف الحركة من مئات المؤسسات والشركات و الجمعيات المهنية الرسمية وغير الرسمية و لكن قانونية وجمعيات مختلفة

تؤكد أن عملها تربوي اجتماعي، لكن آراءها السياسية متعددة وتصب في انتقاد حكومة حزب العدالة والتنمية

تعتمد الجماعة على فكر غولن وآرائه ومواقفه، وتوصف بأنها حركة اجتماعية صوفية تركز على مسلمي تركيا ومنفتحة أكثر على الغرب.

ورغم أن كتب كولن تحوي الكثير من الفقه والتفسير والسيرة وغيرها، فإن السمة البارزة في منهج الجماعة الفكري اقتصارها على فكر شيخها وعدم تجاوزه إلى غيره

تطور سريع في شكل الحركة

وكان لطلاب السكن و االمركز التديبي في كاستنا بازار في أزمير الذي كان غولن مديرها دور مهم جدا في المراحل الأولى من تطور الحركة

و في هذه المرحلة، حضر غولن حلقات للمحادثة بالإضافة إلى الخطب العامة التي كان يلقيها. و في هذه الحلقات كانوا يتناقشون القيم والمثل العليا مثل تعزيز والاستثمار في التعليم

المرحلة التالية بدأت عندما قام المعلمون و أصحاب الأعمال بإنشاء مؤسسات تعليمية مثل سكن للطلاب و مدارس و مراكز للدروس الخصوصية و ذلك استلهاما من تشجيع غولن المستمر للاستثمار في التعليم .

في المرحلة التالية ، تم تشجيع إنشاء المؤسسات الإعلامية. وفي هذه المرحلة رأينا وسائل الإعلام كاستمرارية للمبادرة التعليمية

في المرحلة التالية، قام أعضاء الحركة بتشكيل جمعيات مهنية ومنظمات فكرية وثقافية في مواقع مختلفة

زاد عدد المشاركين في حركة غولن من عدد قليل من الأفراد في أواخر عام ١٩٦٠إلى الملايين في في عام ٢٠٠٠.

و كانت القفزة الكبيرة في نشاط الجماعة بعد انقلاب عام 1980، حيث استفادت من دعم الدولة ومن مساحات الحرية المتاحة، لتبدأ رحلتها مع إنشاء المدارس خارج تركيا، مروراً بتكوين وقف الصحفيين والكتاب الأتراك، الجهة الممثلة للجماعة بشكل شبه رسمي

الكيان الموازي.. والتغلغل داخل مؤسسات الدولة

تورطت الجماعة في تمييع التدين والتركيز على الجانب الصوفي كوسيلة للتغلغل داخل المجتمع. وفي الوقت الذي تبتعد فيه الجماعة عن العمل السياسي الحزبي، فإنها تنهمك في التحالف مع الأحزاب السياسية في مقابل الدعم والامتيازات، وتعمل على التغلغل في مؤسسات الدولة والتقدم في المناصب الهامة.

وتبرز أدبيات “الخدمة” فكرة النفوذ والتغلغل في أجهزة الدولة المختلفة دون رؤية واضحة أو أهداف محددة لمرحلة ما بعد “التمكين” الذي تتحدث عنه. ويرى البعض أن الجماعة تنتهج “تقية سياسية” تجيز لأعضائها التخلي عن بعض العبادات والشعائر لإخفاء هويتهم، حتى لا يتم استبعادهم من أجهزة الدولة، خاصة الجيش والشرطة.

وتسعى الحركة للوصول إلى المناصب العليا في مختلف المؤسسات -وخصوصاً الجيش والاستخبارات والشرطة- تأهباً لمشروع سياسي مستقبلي.

كما يتهمها خصومها بتجاوز العداء الديني للمشروع الصهيوني، حيث سبق لكولن أن انتقد تسيير سفينة مرمرة لكسر الحصار المفروض على غزة، كما أنه أدان سحب السفير التركي من تل أبيب عقب تلك الأحداث وإن كان عبر عن تضامنه مع شهداء غزة خلال العدوان الإسرائيلي في صيف 2014.

إعلان الحرب على أردوغان

اتُّهمت جماعة كولن بإعلان الحرب على حكومة حزب العدالة والتنمية عبر تسريب أشرطة تنصت غير مشروعة.

واتهمت الحكومة التركية الجماعة بأنها كيان مواز تغلغل داخل أجهزة القضاء والشرطة، ما مكنها من القيام بعمليات تنصت غير مشروعة وفبركة تسجيلات صوتية.

واتهم رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو “الكيان الموازي” (في إشارة إلى جماعة غولن) بمحاولة الانقلاب على القضاء بتركيا في أبريل/نيسان 2015 عندما صدر قرار محكمة الجزاء الابتدائية الـ32 بإسطنبول بإخلاء سبيل العديد من المتهمين الموقوفين على خلفية تحقيقات “الكيان الموازي، من بينهم “هدايت قاراجه” مدير النشر بصحيفة “زمان” المحسوبة على كولن، ومديرين أمنيين آخرين، وذلك رغم وجود قرار من محكمة أخرى يقضي بعكس ذلك، ورغم عدم إرسال المدعين العامين الذين يديرون التحقيقات لملفات القضية

تورط الجماعة في محاولة الانقلاب الفاشلة

استمرت محاولات الجماعة المعادية للحكومة التركية دون توقف، حتى قامت الجماعة بمحاولة انقلابية فاشلة أرادت إسقاط حكومة أردوغان.

وهو الانقلاب رقم خمسة في تاريخ الانقلابات التي شهدتها تركيا منذ 1960، حاول إسقاط نظام حكم الرئيس رجب طيب أردوغان في 15 يوليو/تموز 2016، لكن خروج الشعب إلى الساحات و المطارات والشوارع، ورفض القيادات العسكرية له، والتفاف المعارضة حول الحكومة التي بقيت تمارس عملها، كل ذلك سارع بطي صفحة الانقلاب وإعلان فشله، والشروع في اعتقال من يقف خلفه. وتم تصنيف الجماعة بعد ذلك كمنظمة إرهابية

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *