• 19 مارس 2024

على موائد الأفارقة في أنقرة.. أكلات ومشروبات بطعم الحنين إلى الوطن

“نشتاق لبلادنا وأهلنا، ونتذكر أكلاتنا ومشروباتنا وعادتنا في شهر رمضان الفضيل، وفي داخلنا أمل بالعودة إلى الأحبة يوما ما”.. هذا هو لسان حال الكثيرين من البعيدين عن بلادهم.

 

ولاستحضار الأجواء الرمضانية لبلادهم والعودة إلى الماضي، يجتمع شباب أفارقة على موائد إفطار مشتركة تقام بشكل دوري في بيوتهم بالعاصمة التركية أنقرة.

 

وهم يتناولون أكلات شعبية، مثل: “العصيدة بالتقلية”، “العصيدة بالبامية”، “الروب”، “مرق اللحم”، “مرق الفاصولياء” و”الأش”، إضافة إلى مشروبات “الكركديه”، “حبري”، و”المديدة”.

 

وتلك أكلات ومشروبات يشتاق إليها الأفارقة أينما وجدوا، لذا يسعون إلى إحضارها من بلادهم، خاصة قبل بداية شهر رمضان.

التشادي صالح يونس عباس دعا طلاب أفارقة من النيجر والسنغال وتشاد في أنقرة إلى مائدة إفطار في بيته، حيث عاش معهم ذكريات وطنه، التي تعيده إليه رائحة خبز “بيده” الرمضاني في شوارع العاصمة تركيا.

 

وقال عباس للأناضول: “عندما أمر في شوارع أنقرة وأشم رائحة البيده أعرف أن رمضان بدأ، وهذا ينقلني سريعا في مخيلتي إلى الأكلات والمشروبات الشعبية التي تعلن بمجيء رمضان في بلدي”.

 

وتابع: “كان لدي صديق تشادي درس في تركيا عام 2007، وتخرج من إحدى جامعاتها، وقد شجعني على المجيء إلى هنا لمواصلة دراستي.. علم أنني قدمت أكثر من طلب إلى جامعات فرنسية ومصرية، لكن الله وفقني إلى الحصول على منحة من الشقيقة تركيا”.

عباس جاء إلى تركيا عام 2011 ودرس علم اللغة في جامعة أنقرة، واستقر بعد تخرجه في العاصمة مع زوجته ونجله “حذيفة” ونجلته “حكيمة”، ويعمل مدرسا للغتين العربية والفرنسية في مدرسة اابعة للسفارة الباكستانية.

 

عن أول رمضان قضاه هو وزملاؤه الأفارقة في تركيا قال المدرس التشادي: “كانت جمعية أهلية معنية بشؤون الطلاب الأجانب تصحبنا إلى موائد إفطار تدعو إليها عائلات في أنقرة، وهناك بدأنا بالتعرف على الثقافة التركية في رمضان”.

 

وأردف عباس: “وقتها أدركنا مدى شغف الأتراك بشهر رمضان ومدى فرحتهم باستقباله، ووجدنا اهتماما كبيرا جدا من الأتراك بإحياء العادات والتقاليد الرمضانية”.

ومضى موضحا أنه “لا توجد فروق تذكر في التقاليد الرمضانية بين تركيا وتشاد، فالبلدين مسلمين”.

 

وتابع: “أجتمع وزملائي، قبل حلول رمضان، لمناقشة كيفية قضائه، حيث نقتسم أيامه بيننا، ونجمع المال اللازم لإقامة موائد الإفطار في بيوتنا طيلة الشهر.. كل يوم يتكفل زميلان بالتحضير للإفطار”.

 

حول الاستعدادات لرمضان في تشاد، قال عباس إن “التحضير عندنا يبدأ في شهر رجب ، مرورا بشعبان”.

 

وأردف: “الأمهات يحضرن مشروبات حبري (حلو مر) المشهور، طيلة أسبوعين، وتنتشر رائحته في أزقة المدن والقرى معلنة اقتراب الشهر المبارك، ونحن في تركيا نستعيد هذه الذكريات عندما نستنشق رائحة خبز بيده في شوارعها”.

 

وتابع: “كما أن البلديات في تركيا تنظم إفطارات جماعية في الشوارع، نقوم بالأمر نفسه في المساجد، لكن السكان في تشاد هم من يتكفلون بالأمر وليس البلديات.. ويجد المارة في الشوارع يفرصة للإفطار على هذه الموائد”.

 

ودعا عباس الأفارقة إلى “الدراسة في جامعات تركيا، خاصة وأن هذه الدولة الشقيقة تقع بين قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، ما يوسّع من أفق الدارس في جامعاتها، لاسيما وأن البرامج الدراسية فيها قوية جدا”.

وأضاف: “في المدارس العربية الإسلامية في تشاد نتعلم التاريخ العثماني وإنجازات السلاطين العثمانيين في أرجاء المعمورة، لذا يتطلع كثير منا إلى التعرف على مركز الخلافة (الإسلامية) عن كثب”.

 

من بين من يتناولون إفطارهم على مائدة التشادي عباس هذا اليوم عبد القادر سيسي، وهو طالب نيجري في جامعة “غازي”.

 

عن رمضان في النيجر قال سيسي للأناضول: “في بلادي عند أذان المغرب يفطرون بالماء والتمر، ثم يؤدون صلاة المغرب، وبعدها يتناولون الوجبة الرئيسية، بينما في تركيا يتناولون الطعام كاملا ثم يؤدون الصلاة”.

 

وتابع بقوله: “السحور هنا جميل، ففي كل يوم يأتي شخص ليوقظ الصائمين بالضرب على الطبول، ولا أحد ينزعج من ذلك.. هذا المشهد سيبقى منقوشا في ذاكرتنا”.

 

وأضاف سيسي أنه “في النيجر تغلق المطاعم أبوابها نهارا، حتى البارات تغلق أبوابها احتراما للمسلمين”.

 

وقبل مغادرة منزل عباس تمنى الجميع إكمال دراستهم بنجاح وعودة كل منهم إلى بلده، حيث الأحبة والأجواء الرمضانية، مشددين على أنهم سيكونون سفراء لتركيا في بلادهم.

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *