• 28 أبريل 2024

تأثير فتح القسطنطينية على العسكرية العثمانية

تأثير فتح القسطنطينية على العسكرية العثمانية

بدأ العالم في التحول إلى نظام عالمي جديد مع فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح عام 1453م، إذ أحدث فتح القسطنطينية دويّ هائل في العصور الوسطى مع إطاحة العسكرية العثمانية للإمبراطورية البيزنطية التي كانت تعد واحدة من أبرز القوى المؤثرة في العالم بذلك الوقت، وكان إيذانا ببزوغ فجر قوة عسكرية أخرى يهابها الشرق والغرب، تمثّل الدولة العثمانية التي امتدت لعقود طويلة.

يقول المؤرخ التركي يلماز أوزتونا في تاريخ الدولة العثمانية (وفق ما نشرت وكالة الأناضول التركية): “يعتبر فتح إسطنبول أكبر حدث في التاريخ التركي، فقد بشر ذلك الفتح بصورة قطعية بأن تركيا سائرة في طريق الدولة العظمى، والمعروف أن الفتح هو نهاية القرون الوسطى وبداية القرون الحديثة”.

فتح القسطنطينية والعسكرية العثمانية

ومن أكثر المجالات التي تأثرت بفتح القسطنطينية؛ العسكرية العثمانية، التي ظهر بريقها بعد المعارك الطاحنة التي خاضها العثمانيون لفتح المدينة المنيعة، فارتفعت السمعة العسكرية لهم عن ذي قبل.

ومما أسهم أيضاً في ذيوع صيت العسكرية العثمانية، ما تناقله المؤرخون البيزنطيون واللاتينيون الذين عاصروا مجريات فتح القسطنطينية من خطط ووسائل حربية ظهرت أثناء الحصار، ومن ذلك خطة تسيير السفن على البر، حيث نقل العثمانيون في ليلة واحدة السفن من مرساها في بشكطاش إلى القرن الذهبي، بجرها على الطريق البري بين المينائين.

اقرأ أيضاً: 20 مقولة عن إسطنبول من أجمل ما قيل

وتم ذلك رغم أن المسافة الواقعة بينهما تقدر بحوالي 3 أميال، وهي أرض ليست ممهدة، بل كانت مرتفعات وتلالا تعلو وتنخفض وتتعرج، فقاموا بتسوية الطريق وتمهيده، وصف الألواح الخشبية ودهانها بالزيت والشحم، ثم تزليق السفن على الألواح بعد نشر أشرعتها، ثم جرى سحب السفن إلى المضيق وإنزالها في مياه القرن الذهبي وسط جو من الذهول خيم على البيزنطيين.

ومن ذلك أسلوب حرب الأنفاق الذي اتبعه السلطان محمد الفاتح، حين فوجئ سكان القسطنطينية بسماع ضربات قوية تحت الأرض، وهو ما دفع الإمبراطور إلى جمع خيرة مهندسيه لينظروا في أمر تلك الأصوات، فأدركوا أن المسلمين يحفرون أنفاقًا تحت الأرض بهدف التسلل من خلالها إلى داخل المدينة، فأمر بحفر نفق تجاه نفق المسلمين، وظلوا ينتظرونهم حتى يخرجوا.

ولما رأى العثمانيون الفجوة التي حفرها البيزنطيون ظنوا أنهم اهتدوا إلى طريق يمكنهم من بلوغ المدينة، وما إن أبصروا النور في نهاية الحفر حتى سقط كثير منهم شهداء، فلقد كانوا على موعد مع المواد الحارقة المهلكة يصبها عليهم البيزنطيون.

اقرأ أيضاً: من بطولات فتح القسطنطينية… شهداء الأنفاق

المدفع السلطاني الكبير

ومن الأدوات التي زادت من سمعة العسكرية العثمانية، المدفع السلطاني الكبير، والذي عمل عليه جمعٌ كبير من المهندسين والصناع والعمال يعملون على قدم وساق، والسلطان بنفسه يشرف على خطوات الإنشاء والصناعة.

وبعد أيام طوال من العمل الدؤوب كان السلطان على موعد مع أضخم مدفع عرفه التاريخ آنذاك، حيث يبلغ وزن قذيفته 1500 كيلو غرام، ويمكن سماع صوتها من مسافة ثلاث عشر ميلًا، كان له دور فعال في إحداث ثغرات في أسوار القسطنطينية المنيعة وإنزال الرعب في قلوب البيزنطيين.

لقد بلغ الأمر بأن تتدارس الجيوش الأوروبية الخطط والتكتيكات الحربية العثمانية بعد فتح القسطنطينية، وكيفية حصار المدن واقتحامها، ووصل إعجابهم بالفرق الإنكشارية إلى حد إقامة فرق مشابهة.

اقرأ أيضاً: روائع من التاريخ العثماني 10 .. فتح جزيرة قبرص على يد العثمانيين

آثار فتح القسطنطينية 

وكان من آثار فتح القسطنطينية على العسكرية العثمانية:

  • السيطرة على ضفتي مضيق البوسفور، والربط بين الأراضي العثمانية في آسيا الصغرى من ناحية، والأراضي التي ضمتها الدولة العثمانية حديثا في قارة أوروبا من ناحية أخرى، وهو ما أدى إلى تحسين أوضاعهم الاستراتيجية والسيطرة الكاملة على طريق التجارة الذي يؤدي إلى البحر الأسود.
  • تعاظم اهتمام العثمانيين بالقوات البحرية للتتوافق مع القوة البرية الجبارة في الفتوحات الجديدة، حيث ظهر خلال أحداث فتح القسطنطينية قصور البحرية العثمانية بالمقارنة مع البحرية البيزنطية، ما جعل الدولة تولي اهتماما فائقا بالقطع البحرية.
  • تعزيز جهود نشر الإسلام في أوروبا، إذ شجع الفتح العثمانيين على استكمال طموحاتهم العسكرية، والالتفات إلى بقية خصومهم، والأخذ بالتوسع الجغرافي للدولة العثمانية، وهو ما أدى إلى تمكن الدولة من نشر الإسلام في أوروبا نتيجة الانتصارات المتتالية للجيوش العثمانية، لمستوى وصلت فيه إلى فيينا ومحاصرتها مرتين.

اقرأ أيضاً: معركة نيكوبوليس.. الإعصار العثماني الذي غزا أوروبا

ومن يتتبع مسار المعارك البحرية للدولة العثمانية بعد فتح القسطنطينية؛ سيدرك مدى ازدياد نشاط الأسطول البحري بشكل قوي، ومثال ذلك: هجوم الأسطول البحري العثماني على جزيرة رودس التابعة لفرسان القديس يوحنا عام 1455م، كما خاض الأسطول معركة بلجراد عام 1456م، وبعدها تمكن الأسطول من فتح قسطموني وسينوب على ساحل البحر الأسود عام 1460م، ثم المساهمة القوية للأسطول في فتح طرابزون عام 1461م.

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *