• 28 مارس 2024

قصر الزيزفون بإسطنبول.. تحفة معمارية تحتضن زائريها

لا تخلو منطقة في مدينة إسطنبول التركية من الأماكن المتميزة التي بقيت شاهدة على أصالتها وقدمها، منها قصر الزيزفون “Ihlamur Kasrı”، ويمثل تحفة معمارية بمنطقة بشيكتاش تحتضن زائريها من داخل البلاد وخارجها.
قصر الزيزفون تحفة فنية تعود للقرن التاسع عشر، بني بأمر السلطان العثماني الحادي والثلاثين “عبد المجيد”، حيث بناه بهدف استقبال واستضافة كبار رجالات الدولة الأجانب، والكتاب والفنانين، فضلا عن كونه منتزه ومركز للصيد.
وأطلقت كلمة قصر في تلك الفترة على المباني الرسمية، بمعنى دار الضيافة للحكام والرؤساء القادمين، وعادة يتم إنشاؤها خارج المدينة، وتتمتع بمناظر خلابة تمزج ما بين الطبيعة الساحرة ومشهد مياه البحر الزرقاء.
ومن هذا التمازج يمكن القول أن القصر الذي يقع على مرتفع مطل على البوسفور بين الأشجار الجميلة، كان مكانا للتنزه والاستمتاع والاستجمام لكل الزائرين من الحكام والمسؤولين القادمين للدولة العثمانية، وأوقات أخرى استخدم للصيد أيضا.
يقع القصر في وادي الزيزفون، بين منطقتي نيشان تاشي ويلدز، العريقتين بإسطنبول، ويعود تاريخ اختيار المكان للقرن الثامن عشر، إبان حكم السلطان أحمد الثالث، حيث كانت ملكا لحاج حسين آغا.
وتفيد المصادر التاريخية أن المنطقة تحولت لأملاك الدولة في الفترة التالية، حيث استضاف السلطان عبد المجيد الشاعر الفرنسي لامارتينه عام 1846م، وقال أشعارا بها وتغنى بالزيزفون وطبيعتها والورود، فقرر السلطان إنشاء مبنيين، وسمى القصر بـ”النزهتية”، بمعنى الانتعاش والتجدد والفرح.
ويتألف القصر من بناءين استخدم أحدهما من أجل إقامة المراسم والاستضافة والثاني من أجل الحاشية والحرم وهو أصغر وأقل زخرفة، كما أن السلطان كان يقيم حفلات صيد في هذه المنطقة.
والتصق حاليا اسم قصر الزيزفون بالمبنيين، خاصة مع انتشار أشجار الزيزفون بكثرة في المنطقة ما أدى لتداول الأسم أكثر من بقية الأسماء ومن بينها قصر المراسم أيضا، خاصة في السنوات الأخيرة.
القصر بما يتضمنه من مبنيين، تم إنشاءه داخل مساحة خضراء مشجرة تبلغ 24 ألفا و724 مترا مربعا، بإشراف المعماري الأرمني والمستشار الفني للسلطان نيكوغوس بايلان، وللقصر أهمية كبيرة فنيا، مثل قصر دولما باهتشة من ناحية العمارة، مع الفارق الكبير بالحجم بين المبنيين.
أحد المبنيين في القصر أكبر من الآخر، كانت فيه عناية كبيرة من ناحية تزيينه الخارجي، واستخدام الزخارف، والثاني أبسط منه، ويغلب عليه الطراز المعماري الغربي، وهو ما طغى في الفترات الأخيرة لأيام الدولة العثمانية.
واستخدم في إنشاء القصر الأحجار الطبيعية والرخام، بينما استخدم في المحاريب صدف البحر والورود والأوراق بأشكال متميزة، في وقت امتلأت المزهريات بالفاكهة التي برزت في تلك الإضافات التجميلية، فضلا عن الاهتمام بالنوافذ.
القصر بعد تأسيس الجمهورية التركية بات تحت إشراف البرلمان عام 1924، إلى العام 1951 حيث تم ربطه ببلدية إسطنبول، وأعيد ترميمه وافتتاحه أمام الزائرين، كمبنى وقصر تاريخي قديم.
وعام 1966 أعيد وضع القصر تحت إشراف البرلمان وأعيد ترميمه وافتتاحه وتخصيص مكان منه لتعليم الأطفال مختلف أنواع الفنون الحديثة، مع إدخال تحسينات على الديكور، فيما يعود الشكل الحالي للقصر لآخر ترميمات أجريت عام 1987.
وحاليا يعتبر القصر واحدا من المتنزهات الهامة التي تستقطب الزائرين، في حدائقها الجملية وبداخله مقهى يقدم الخدمات.
ويعتبر المقهى ملجأ للهاربين من ضوضاء المدينة حيث يستغل الزائرون زياراتهم هذه في الجلوس فوق العشب والاسترخاء بعد جولة في الأسواق المجاورة للقصر.
وتحوي حديقة القصر بركة مائية محاطة بتماثيل أسود وحيوانات أخرى، ويمكن احتساء الشاي التركي في أحضان التاريخ والحضارة والفن المعماري الشاهد على إبداعات السابقين.

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *