• 29 مارس 2024

معارك عثمانية..معركة كوسوفا 1389

 تعتبر معركة كوسوفا من المعارك الكبرى الفاصلة في التاريخ – وهي من أهم المواجهات الحاسمة بين المسلمين وبين المسيحيين الأرثوذكس في شبه جزيرة البلقان، في شرق أوروبا، وهي تمثل منعطفا حاسما في تاريخ منطقة البلقان والوجود الإسلامي فيها

ودارت المعركة بين تحالف الجيش الصليبي الأرثوذكسي بقيادة الملك الصربي لا زار من جانب، وبين الجيش العثماني المسلم، بقيادة السلطان مراد الأول1360ـ 1389م من جانب آخر

كان الصرب قد أظهر التعصب للأرثوذكسية، وسعوا إلى فرضها بالقوة على الشعوب الواقعة تحت سيطرتهم، واضطهدوا كل الذين رفضوا اعتناقها، اضطهادا وحشيا، وخاصة السكان الكوسوفيين وقد تزامن ذلك مع صعود نجم العثمانيين في آسيا الصغرى، ووصول طلائع جيوشهم إلى منطقة البلقان في عهد السلطان أورخان بن عثمان

ثم: تمكن مراد الأول ثالث أمراء آل عثمان من دخول البلقان، وتحقيق العديد من الانتصارات التي توجت بفتح مدينة “أدرنة ” سنة 1361م وهزيمة القوى النصرانية ونقل العاصمة من بروسه إلى أدرنة التي عمرت بالمساجد والمدارس وأصبحت نقطة انطلاق لمواصلة الفتوحات الإسلامية في أورباوقد نجم عن دخول العثمانيين إلى شبه جزيرة البلقان وتوغلهم فيها، وانتشار الإسلام على أيديهم في تلك المنطقة، حدوث موجة من الخوف والذعر اجتاحت الدول الأوروبية، من هذه القوة المتعاظمة

ولما كان الصرب هم القوة الرئيسية في جنوب البلقان في ذلك الوقت، فقد نشطوا للتصدي للعثمانيين، ولمجابهتهم، وكانوا أكثر القوى الأوروبية حساسية من وجودهم، وأشدها تحمسا لقتالهم، وسعيا لإخراجهم بالقوة معتبرين أنفسهم حماة للمسيحية الأرثوذكسية في شرق أوروبا

وعلى ذلك الأساس، شرع الصرب في الاستعداد، وحشد الأعوان والحلفاء من حولهم وبعثوا بالرسل طالبين النجدة من ملوك الغرب الصليبي ومن بابا الفاتيكان في روما، والذين لم يكونوا غافلين أو متغافلين عن تحركات العثمانيين، في تلك المنطقة

بل بلغت الجرأة بالصرب حدا جعلهم يتجرؤون على مهاجمة أدرنة عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، أثناء انشغال السلطان مراد الأول بحصار مدينة ( بيجا

وأخير عندما جاءت الأخبار بقدوم الجيش العثماني إلى معقل الصرب، أعلن الملك الصربي لازار النفير العام، واستثار نخوة الصرب وحماسهم الديني إلى أقصى حد، وزاد على ذلك بأن صرح على رءوس الأشهاد بأن ” كل مَن وُلد وتجري في عروقه دماء صربية أو نسب ولم يأت لقتال الأتراك في كوسوفو، لن يولد له صبي، أو صبية، ولن يرث أرضه ابن.

ولم تلبث المعركة أن انتهت بانتصار حاسم للأتراك العثمانيين المسلمين وهزيمة ساحقة ماحقة للصرب وحلفائهم، والذين فقدوا في هذه المعركة زهرة شبابهم، وكبار قادتهم، وعلى رأسهم الأمير الصربي لازار، فضلا عن كونها كانت نهاية لاستقلال الصرب وفقدهم لدولتهم، التي اجتاحتها الجيوش التركية، التي استمرت في اندفاعها على مراحل تاريخية متقطعة، حتى وصلت إلى أسوار “فيينا”، واختفت الشعوب السلافية الجنوبية من التاريخ لمدة ثلاثة قرون ونصف ولم تقم للصرب دولة طوال تلك المدة، وبقي ذكر هذه المعركة شهيرا في أوروبا بأسرها

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *