• 6 ديسمبر 2023
 الانتخابات التركية.. معركة حامية بارتدادات إقليمية

الانتخابات التركية.. معركة حامية بارتدادات إقليمية

الانتخابات التركية.. معركة حامية بارتدادات إقليمية

مقال رأي بقلم: خالد جان سيز

ليست الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تركيا يوم الرابع عشر من الشهر الجاري حدثاً مفصلياً للبلاد فحسب، بل إن آثارها تطاول المنطقة العربية، والعالم، في ظل أهمية تركيا في التوازنات الإقليمية، وما تلعبه من أدوار في الحرب الروسية – الأوكرانية، واتفاقات تأمين الغذاء والطاقة، أو في ليبيا وسوريا والأزمة الأذربيجانية – الأرمينية، وفي آسيا الوسطى والبلقان وشرق المتوسط.

الانتخابات التركية.. معركة حامية بارتدادات إقليمية

وتتميز الانتخابات الحالية بالتنافس الشديد، خصوصاً رئاسياً، بين الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، عن التحالف الجمهوري الحاكم، وكمال كليجدار أوغلو، عن تحالف الشعب المعارض.

وتتجاوز نسبة الناخبين في الخارج 5.12 في المئة، وهي نسبة قد تكون حاسمة، خصوصاً أن الانتخابات الرئاسية تتطلب للفوز بها حصول المرشح على نسبة 50 في المئة، زائداً واحداً، في الجولة الأولى أو الثانية.

أردوغان والمعارضة مطالبان بأجندة لمواجهة ملفات معقدة، تحتاج حلولاً، مثل ارتفاع معدل التضخم، وكارثة الزلزال، وتحولات جيل الشباب المطالب بحريات أكبر، والدور الإقليمي لتركيا وسط تحولات المنطقة، والتعامل مع ما يستجد.

يعوّل أردوغان على إنجازاته لأكثر من 20 عاماً، من أجل الفوز في الانتخابات، فقد وضع البلاد في مرتبة متقدمة إقليمياً ودولياً.

الانتخابات التركية.. معركة حامية بارتدادات إقليمية
الانتخابات التركية.. معركة حامية بارتدادات إقليمية

في المقابل، تلعب المعارضة على ملف التخلّص من أزمة اللاجئين والانسحاب من الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن، وتعد بالتحول إلى النظام البرلماني المعزز، وتعيين سبعة نواب للرئيس، ووزير على الأقل من كل حزب، ضمن تحالف الطاولة السداسية.

مجلة بوليتيكو قالت إن الكتلة المعارضة المكونة من ستة أحزاب، تعهدت بتفكيك النظام الرئاسي القوي، الذي أدخله أردوغان عام 2017، والتحول إلى نوع جديد من الديموقراطية البرلمانية التعددية. ويتوقع لهذه الانتخابات – وفق مراقبين – ثلاثة سيناريوهات هي:

1 – فوز تحالف الجمهور الحاكم

سيضمن استقراراً للنظام السياسي وتدعيماً أكبر للتحول إلى النظام الرئاسي التام، بديلاً عن الانقسام في الصلاحيات بين الرئيس ورئيس الوزراء والوضع الحالي العالق في النظام شبه الرئاسي. لكن لن يتوقع منه الكثير خارجياً، فهذه الانتخابات الأخيرة التي يخوضها أردوغان كزعيم ذي كاريزما، وهو يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة، وكذلك كارثة الزلزال.

2 – فوز تحالف الأمة المعارض

سيزيد ذلك الدعم الغربي العلني للمعارضة، الراغبة في حل مشكلات الشباب ومعاناتهم من تبعات الأزمة الاقتصادية، لكن الدعم الغربي بهذا الوضوح قد يأتي بنتائج عكسية، ويُثير المشاعر القومية لدى الكثير من الأتراك، الذين تتعلق في أذهانهم مسألة الكرامة والاستقلال الوطني بعدم تدخل أحد في شؤونهم الداخلية، في ما يتعلق المعارضون بدعم الخارج لهم علناً.

3 – فوز أحدهما بالرئاسية أو البرلمانية

سيخلق هذا السيناريو حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، إذ بالرغم من قوة الرئيس في الدستور الحالي، فإنه لا يزال يحتاج إلى الأغلبية البرلمانية لتمرير القوانين، والميزانيات، والعديد من الاتفاقات المرتبطة بالتحركات الخارجية، وبالتالي سيواجه تحدياً صعباً، ما لم يفز تحالفه بالانتخابات البرلمانية أيضاً، أو بثلث معطل لأغلب القرارات الإستراتيجية، التي تتطلب موافقة الثلثين، مع قدرة على إدارة التحالفات والتوافقات مع الطرف الآخر.

كيف ستتأثر المنطقة؟

إذا فاز أردوغان فمن الرجّح أن يستمر ما شهدته المنطقة من تطورات إيجابية في الآونة الأخيرة، حيث تحسنت علاقات تركيا بالسعودية والإمارات ومصر، إضافة إلى توقعات بنمو التبادل التجاري وازدياد الاستثمارات المتبادلة، فتركيا وجهة رئيسية للاستثمارات العربية، وعلى علاقات إستراتيجية بالعديد من دول الخليج العربي.

كذلك فإن سياسات أردوغان ستواصل حلحلة الأزمات السياسية في المنطقة، لأن تركيا فاعل رئيسي في ملفات سوريا وليبيا والعراق ولبنان والسودان والصومال والقرن الأفريقي، ولديها دور قوي في هذه الملفات الحيوية بالنسبة للمنطقة العربية.

وإذا فازت المعارضة، فتبعاً لأجندتها وتوجهاتها المعلنة، ستكون هناك ارتدادات سلبية على المنطقة، ليست أولها إعادة ملايين اللاجئين السوريين، وتمتين العلاقة بالغرب على حساب المنطقة العربية، وقد تشهد تركيا اضطرابات داخلية نتيجة صراعات أيديولوجية.

ماذا يريد الغرب؟

وفق موقع بلومبيرغ، فإن القادة الغربيين يأملون أن يؤدي فوز كليجدار أوغلو إلى حلّ مشكلة انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وعودة تركيا السريعة إلى الحلف بعد سنوات من الانحراف شرقاً، في وقت يواجه الحلف أكبر تحدٍّ له من الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث سيكون الحلف سعيداً بجعل تركيا جزءاً من الإجماع.

لكن حتى لو أسفرت الانتخابات عن أسوأ نتيجة لاردوغان، يرى الموقع أن خليفته لن يعمل على تحولات كبيرة في السياسة الخارجية لتركيا، «فإذا أراد الغرب أن يكون أوغلو مرناً في السياسة الخارجية، فسيحتاج إلى مساعدته».

ويختم الموقع بأنه ينبغي على الغرب ألا يتوقّع انضمام حكومة كليشدار أوغلو إلى نظام العقوبات ضد روسيا، أو المشاركة في أي نوع من الحصار الاقتصادي.

نصف مليون شخص لمنع التزوير

قررت المعارضة التركية نشر نحو 500 ألف شخص، لمراقبة عمليات التصويت الأكثر أهمية في الانتخابات، وسط مخاوف من التزوير، وفق ما أكد حزب الشعب الجمهوري.

وقال أوجوز كان ساليجي نائب رئيس الحزب: «نحشد ما يصل إلى نصف مليون شخص في 50 ألف مركز اقتراع، تضم 192 ألف صندوق اقتراع عبر تركيا»، مضيفاً أن من بين هؤلاء الأشخاص محامين ومتطوعين.

وتابع ساليجي، الذي يشرف على جهود سلامة الانتخابات لتحالف الأمة التركي، المؤلف من ستة أحزاب، أن هناك «مخاوف جادة» بشأن سلامة الانتخابات، بما في ذلك مشكلات فنية محتملة خلال التصويت أو الفرز في يوم الانتخابات.

وفي الانتخابات السابقة، بما في ذلك انتخابات 2019 المحلية، تعرضت وكالة أنباء الأناضول الرسمية لانتقادات بسبب تلاعب مزعوم في البيانات.

اقرا ايضاً: العوامل المؤثرة في نتائج الانتخابات التركية 2023

 

فريق التحرير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *