أول مصنع للطائرات في تركيا
قامت الجمهورية التركية بإنشاء أول مصنع للطيران في مدينة (قيصري) في السادس من شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 1926 لصناعة أول طائرة محلية.
حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، قام هذا المصنع بإنتاج ما يقارب 200 طائرة بتصاميم وأشكال مختلفة.
فما هي قصة نشوء هذا المصنع؟ وما هي الظروف التي أجبرته على الإغلاق؟
بدأت الفعاليات التركية في مجال الملاحة الجوية مع الطيار التركي (وجيهي هوركوش)، وقبل إنشاء المصنع الجوي الذي تمت تسميته (تومتاش) وفي الأيام الأولى من عمر الجمهورية التركية، قام (وجيهي هوركوش) بتصميم أول طائرة تركية وأطلق عليها اسمه.
الطائرة التي تمت تسميتها (وجيهي K-VI) تمت صناعتها في ظروف قاسية جداً وبالاستفادة من المحركات الجوية التي اغتنمتها القوات التركية من القوات اليونانية أثناء حرب الاستقلال.
وقد أسهمت هذه الطائرة في زيادة الفعاليات الصناعية في المجال الجوي في تركيا، كما عدت هذه الطائرة مصدر إلهام لكل العاملين في هذا القطاع منذ تأسيس الجمهورية.
وفي أعقاب ذلك، أمر رئيس الجمهورية في ذلك الوقت (مصطفى كمال) بتأسيس “جمعية الطيران التركية” التي أحبها الشعب وراقب تطورها عن كثب حتى تطورت وافتتحت ما يقرب من 100 فرع لها في مختلف المحافظات.
هذه الجمعية كانت بحاجة للدعم من قبل الشعب، ولذلك فقد توجه العديد من المواطنين للتبرع بالأموال من أجل تطور هذه المؤسسة الوليدة.
وكخطوة تحفيزية في سبيل زيادة نسبة المتبرعين، كانت المؤسسة تكتب اسم أي شخص يتبرع بمبلغ 10 آلاف ليرة تركية أو يزيد على الطائرات المصنوعة.
إنشاء “الجمعية التركية للطيران” لفت الأنظار إلى أهمية إنشاء مصنع للطيران، وبعد ست أشهر أمر (مصطفى كمال) بإنشاء مصنع الطائرات التركي الذي كان على تواصل مباشر مع شركة (جونكيرز) الألمانية لصناعة الطائرات.
بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى قامت بتوقيع بعض الاتفاقيات التي حدت من قدرتها على الصناعة الدفاعية بما فيها صناعة الطائرات، مما حدا بتلك الشركات للبحث عن أراض أجنبية لإنشاء المصانع فيها.
في تلك الأثناء، قام السفير التركي في ألمانيا (كمال الدين سامي بيك) بجمع معلومات مفصلة عن شركة (جونكرز) وتجهيز تقرير عن قابلية الإنتاج والجاهزية التقنية للشركة.
تم توقيع اتفاقية إنشاء المصنع بين الشركة وتركيا في 15 أغسطس 1925، وقد تم تسميتها “الشركة التركية المتحدة للطائرات والمحركات” (تومتاش).
ضمن بنود الاتفاقية، تم تحديد ربيع العام 1926 كموعد للبدء بأعمال صيانة الطائرات والعام 1927 كموعد للبدء بالإنتاج.
لكن وللأسف فقد كانت الدول الراغبة في إيقاف تطور تركيا حاضرة عبر التاريخ كما كانت حاضرة حينها، فقد قامت فرنسا ومن أجل مصالحها الخاصة بالضغط على الشركة الألمانية لإنهاء الشراكة مع تركيا.
وبالفعل لم تستطع ألمانيا الصمود طويلاً، فقامت بإنهاء عقد الشراكة مع تركيا وانسحبت من المشروع بعد بيع حصتها لجمعية الطيران التركية مقابل 520 ألف ليرة تركية.
انسحاب الشركة الألمانية كان له دور بارز في التأثير سلباً على الجمعية التي أعلنت إفلاسها وباعت أسهمها لوزارة الدفاع الوطنية في 1930.