على بعد 216 كم جنوب العاصمة عمان، تقع مدينة معان الأردنية، التي اختارتها الدول العثمانية زمن السلطان سليمان القانوني (1520-1566)، كمقر لحماية وسقاية قوافل الحجيج، القادمة من مصر والشام، والمتنقلة بين بيت المقدس والحجاز.
معان، التي تقع في منطقة وسطى بين تلك المناطق والحجاز، كانت عبارة عن محطًة تجارية للقوافل القادمة للمنطقة، ونظراً للعلاقة التاريخية بين المدينة الأردنية والدولة العثمانية، ارتبط الوجدان بالمكان.
انطلاقاً من ذلك، ولقناعته بمشاعر أهل معان تجاه الدولة العثمانية، قرر منصور حامد التلهوني (45 عاماً)، ويعمل أستاذاً جامعياً، إنشاء حمام “السلطان العثماني”، في بناء قديم، يعود لأربعينيات القرن الماضي.
الحمام ببنائه التراثي القديم، بات أشبه بمتحف فني، يقصده الزوار من مختلف أنحاء المملكة، إضافة إلى السياح، تجذبهم طريقة تصميم المكان، وتستهويهم متعة النظر إلى نحاسيات وفخاريات وحجارة مختلفة التكوين، تظهر مدى براعة العثمانيين في استغلال أبسط الإمكانات ومحدوديتها لتذليل الصعاب أمام حياة بدائية، عاشوها قديما.
أنشأ التلهوني الحمام في بناء تبلغ مساحته نحو 200 متر مربع، يتسع لأربعين شخصاً، وأطلق عليه حمام السلطان العثماني؛ لارتباط المنطقة وأهلها بالتاريخ العثماني، وفق ما قاله للأناضول.
وأضاف التلهوني “الطابع التراثي يميز المقتنيات والحجارة المنحوتة من زمان العثمانيين، ويحتوي بعضها على نقوش عثمانية”.
وزاد “أهالي المنطقة أعجبوا بفكرة الحمام منذ بداية التأسيس، وقام بعضهم بتوفير كل ما لديهم من مقتنيات تعود إلى الزمن العثماني؛ لتضفي على المكان الصبغة العثمانية القديمة”.
ويمضي “الحمام أصبح مزاراً للمجتمع المحلي وطلبة الجامعات والمدارس، ويتم فيه أداء فقرات متخصصة للعريس في يوم زفافه، أو ما يعرف بحمام العريس”.
“الجرن العثماني” بمختلف أشكاله، والمزدان بالهلال العثماني، اول ما يصدف زائر الحمام، إضافة إلى إبريق نحاسي كان يستخدم للوضوء، والعديد من الحجارة ذات الاستخدامات المختلفة.
مفاتيح الأبواب العثمانية، المعلقة على جدران الحمام، هي الأخرى من الأشياء اللافتة للنظر، لزائري الحمام، والمكواة الفحمية التي استخدمت في العهد العثماني.
ويوجد في الحمام عدد من رحى طحن القمح، متعددة الأحجام، ويعلو سقفه قطع خشبية تعود لزمن العثمانيين.
يقول التهلوني : “إن إقبال الناس على الحمام عائد لشعور الزبون بالأجواء الخاصة المريحة للنفس، فهناك الكثير من الأمسيات والحفلات الخاصة التي تقام داخل الحمام، يتخللها أناشيد دينية ورقصات شعبية”.
وبين “الليف المستخدم لحمام الزبائن هو ليف طبيعي يزرع في منطقة معان، وبجانب الحمام بالتحديد”.
من جهته، أوضح ياسين صلاح، مدير سياحة معان “حمام السلطان العثماني يعد من ضمن المسار السياحي لمدينة معان، ويمتاز بخصوصية تتفرد بها معان عن سواها من المدن، من حيث قربه من القلعة العثمانية والسوق السياحي التراثي”.
واستدرك صلاح،”أيضاً ما يميز الحمام، مكانه الواقع في قلب المدينة، وقريب من كافة الخدمات من مواصلات وغير ذلك”.
وأردف “الطقوس الاحتفالية الاجتماعية لأبناء معان، هو من مميزات الحمام العثماني، إذ يجتمع ذوو العريس وأصدقائه والمحبين له في الحمام، في يوم زفافه، لمشاركته ما يعرف بحمام العريس”.
وأكد “هناك في الحمام خدمة لائقة وأسعار رمزية، تناسب الجميع دون استثناء، للزائر المحلي والسائح، إلى جانب حفاوة التكريم والاستقبال التي تميز أهل معان، وهي السمة السائدة لأبناء المحافظة ، والأردنيين على حد سواء”.
واختتم صلاح “للأمانة، الحمام عزز من وجود معان على الخارطة السياحية، وأضفى تنوعاً للبرنامج السياحي، لزوار المدينة”.