آل كوبريلي هي عائلة تعود أصولها إلى ألبانيا حكمت الدولة العثمانية في فترة من أشد فتراتها واستطاعت أن تعيد لها أمجادها. أطلق على فترة حكمهم ” عصر كوبريلي” .
حال الدولة قبل “محمد باشا كوبريلي
عاشت الدولة قبل مجيء “محمد باشا كوبريلِّي” إلى منصب رئاسة الوزراء حالاً صعبة جداً، فقد لقي السلطان “إبراهيم الأول” مصرعه على أيدي الثائرين من الجنود الانكشارية عام 1055هـ، وولي أمر الدولة المترامية الأطراف بعده ابنه السلطان الصغير “محمد خان الرابع” الذي كان في السابعة من عمره، وعنيت جدة السلطان وهي “كوسم مهبيكر” نيابة السلطان على أمر الدولة حتى يبلغ سن الرشد، فازدادت أمور الدولة سوءاً على سوء؛ لأنه لم يكن لهذه النائبة حول ولا قوة مع الثارين الانكشاريين، الذين زادت ثورتهم وتحكموا في مؤسسات الدولة، وعبثوا فيها، وعاثوا في الأرض فساداً، حتَّى أطلق المؤرِّخون على هذه الفترة من عمر الدولة فترة “سلطنة الآغوات”، و(الآغوات) هم قادة الانكشارية، إشارة إلى سيطرة أولئك الرجال على أمر الدولة. أما على الساحة الخارجية فقد قامت دولة (البندقية) باحتلال بعض الجزر العثمانية على مضيق الدردنيل، مما أدّى إلى إغلاق المضيق أمام البضائع والمواد التموينية التي تحتاجها الدولة ويحتاجها الشعب، فأدَّى ذلك إلى مشكلة اقتصادية كبيرة، وارتفعت الأسعار ارتفاعاً كبيراً نتيجة الحصار.
كيف أتت العائلة للحكم
انتهت نيابة السلطانة الوالدة التي استمرت خمس سنوات، وتولى ابنها محمد الرابع شئون الحكم، وهو في الخامسة عشرة من عمره، وتوارت هي إلى الظل وهي في التاسعة والعشرين من عمرها، ولم تتدخل في أمور الدولة والشئون السياسية وتفرغت لتربية ولديها سليمان وأحمد، وانصرفت إلى أعمال الخير، وفتحت بذلك لعائلة كوبريلي أن تقوم بدورها التاريخي الذي استمر سبعا وعشرين سنة، فأعادت هذه العائلة للدولة هيبتها كما كانت في عهد سليمان القانوني.
محمد كوبريلي
كان محمد باشا كوبريلي على كبر سنه قوي الشخصية والإرادة، عظيم الهمة، يميل إلى الشدة والترهيب فيما يتصل بأمن الدولة وسلطانها، فانتظمت أمور الدولة الداخلية، وضرب على أيدي الإنكشارية وأعادهم إلى احترام النظام والانشغال بعملهم، ومنعهم من التدخل فيما لا يعينهم من شئون السياسة.
وفي الوقت نفسه حقق للدولة بعض الانتصارات الخارجية، فهزم البنادقة وأخذ منهم جزيرة “لمنوس” وجزرا أخرى. وكان البنادقة قد استولوا على هذه الجزر واحتلوا مدخل مضيق الدردنيل، وفرضوا حصارًا بحريًا على الدولة، ومنعوا دخول المؤن والغذاء إلى إستانبول، ولولا نجاح كوبريلي في فك هذا الحصار لتعرضت الدولة إلى خطر فادح.
واستمرت صدارة محمد كوبريلي خمس سنوات أعاد خلالها الأمن والاستقرار للدولة، وتُوفي بعدها ودُفن في إستانبول عن ثلاثة وثمانين عاما في (1072هـ = 1661م). ثم تولى منصب الصدر الأعظم من بعده ابنه كوبريلي أحمد باشا ليواصل انتصارته. وتناقل هذا المنصب بعد ذلك بين أفراد العائلة.
أقرأ أيضاً
كوبرلي محمد باشا.. الصدر الأعظم الذي أنقذ الدولة العثمانية
أحمد باشا كوبريلي.. أصغر من تولى منصب الصدر الأعظم في الدولة العثمانية